للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا ... وَمَن طَلَبَ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ

وما زال المحبون يقتحمون الأخطار، ويركبون الأهوال حتى ينال أحدهم لمحة، أو إشارة سلام، ويبذلون الجليل من نفوسهم في بلوغ القليل من المحبوب، قال تعالى: [فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن] إلى آخر الآية، انظر إلى ما اتّفق للنسوة لمَّا رأين يوسف، ولم، وام يتقدّم لهن قبل ذلك شغل قلب به، ولا فكرة، ولا وسواس، بل رأينه بغتة، قطّن أيديهن، فكيف مَنْ هو مستعد لرؤية محبوبه، وقد أعمل المطي إليه، وقطع القفار ليلا ونهارا، كما قال الشاعر (١): (من البسيط)

وَما صَبابَةُ مُشتاقٍ عَلى أَمَلٍ ... مِنَ اللِقاءِ كَمُشتاقٍ بِلا أَمَل

[وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الملك العزازي] (٢):

(من البسيط)

فالجرح منهنّ لذاتٌ بلا ألمٍ ... والطعن عند مُحبيهنّ كالقبل

ولله در القائل (٣): (من البسيط)

إنْ لم أَمُتْ في هَوَى الأَجفان والمُقَلِ ... فَواحَيائي من العُشّاقِ واخَجلي

ما أَطيبَ المَوْتَ في عِشْق المِلاحِ كذا ... لاسِيَّما بِسيوفِ الأَعْيُنِ النُّجُلِ

يَا صاحِبيَّ إذا ما/ مُتُّ بَينَكُما ... دُون الشَّهِيينِ وَرْدِ الخَدِّ والقُبَلِ [٤٩ ب]

رَاشَ الفتورُ لَهُ سَهْماً فَأَخطأَهُ ... حتَّى أُتِيحَ لهُ سَهْمٌ من الكُحُلِ

فاستَغفِرا لي وَقولا عاشِقٌ غَزِلٌ ... قَضَى صَرِيعَ القُدُودِ الهِيفِ والمُقَلِ

رَاشَ الفتورُ لَهُ سَهْماً فَأَخطأَهُ ... حتَّى أُتِيحَ لهُ سَهْمٌ من الكُحُلِ

ولِلعُيونِ اللَّواتي هُنَّ من أَسَدٍ ... إلى القُلوبِ سِهامٌ هُنَّ من ثُعَلِ

ولا أهابُ الصِّفاح البِيض تُسعِدُني ... باللمحِ من خلل الأستار والكِلَلِ


(١) للمتنبي، ديوانه ٢/ ٨٧
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الغيث المسجم ٢/ ١٨، وقد خلط المختصر فأتبع هذا البيت مع بيت المتنبي السابق، وجاءت كتابة هذا البيت على النحو التالي: هيهات ألم الجراح هنا ملاذ ... والطعن عند محبهم كالقبل
وأظن ظنا مسامتا لليقين أنّ هذا من عمل الناسخ. وهذا البيت هو سابع سبعة أبيات ذكرها الصفدي في الغيث المسجم ٢/ ١٧ ـ ١٨ وقبله الأبيات الستة المذكورة بعد هذا البيت.
(٣) للشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الملك العزازي، وفي الغيث المسجم ٢/ ١٧ ـ ١٨ الفزاري، وما أثبتناه من ديوانه في (م).
شهاب الدين العزازي: ٦٢٧ - ٧١٠ هـ / ١٢٣٠ - ١٣١٠ م
أحمد بن عبد الملك بن عبد المنعم بن عبد العزيز شهاب الدين العزازي. شاعر مصري، كان بزازاً في القاهرة بقيسارية جركس.
له موشحات وألغاز و (ديوان شعر-خ) غير كامل، في دار الكتب ([٤٧٩ أ] دب) جمع منه الصلاح الصفدي (منتخبات -خ) في ٧٦ ورقة وفي جامعة الرياض (١٦٥) مختارات لعلها هي.

<<  <   >  >>