للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المعلوم أنّ «المرويات لا يُعتمد في الوثوق بها وقبولها على كتب الأدب والتواريخ؛ إذ فيها زيف كثير وغث غير قليل، وأنّ الحديث لا يؤخذ إلا من كتب الأئمة الثقات الذين يُرجع إليهم في معرفة الصحيح من الضعيف، والمقبول من المردود» (١).

ثانياً: اتباع أسلوب التدليس في تصوير المراجع غير المعتمَدة في نقل الروايات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنها من كتب المسلمين العُمَد في ذلك.

وهذا الصنيع لإيهام من يقرأ بصحة النقولات والروايات.

ومثله التدليس بصحة الروايات، فيقول أحدهم: "صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال"، ثم يسوق رواية ضعيفة أو موضوعة أو مختلقة مفتراة من عند نفسه، كما سترى في المطلب التّالي.

ثالثاً: البعد عن المنهج العلمي الثابت في التعامل مع الروايات، واتباع أسلوب الانتقاء المبني على الهوى.

يظهر هذا -مثلاً- في ذكرهم مصدر الرواية إن كانت في الصحيحين أو أحدهما، وعدم ذكر المصدر إن كان خارج الصحيحين، كما سيتضح في المطلب الرّابع.

رابعاً: الانتقاء من داخل نصِّ الحديث ما يوافق الأمر الذي يريدون تقريره، ونبذُ باقي الحديث وعدمُ الإشارةِ إليه؛ إذ فيه -في كثير من الأحيان- ما يوضح المقصود، ويدفع الشبه، ويجلي المراد.

ففي حديث الشفاعة الطويل اجتزأ بعضهم عبارةً واحدة، هي قولَ راوي الحديث: (ولم يذكر -أي النبي - صلى الله عليه وسلم - له -أي لعيسى بن مريم - عليه السلام - خطيئة)، واستدل بها على تقرير ألوهية المسيح، نابذاً بقية الحديث. وسيأتي مزيد إيضاح لهذا لاحقاً.

خامساً: من أساليب التدليس التي يتبعها بعض المنصرين دسُّ بعض الجمل والكلمات داخل الأحاديث الصحيحة لتحرِف معناها إلى ما أرادوا.

وقد سبق بعض الأمثلة حينما ذكرنا كيف أضافوا كلمات في أحاديث مباشرته - صلى الله عليه وسلم -


(١) انظر: دفاع عن السّنّة، محمد أبو شهبة، ص٩٧ - ٩٨.

<<  <   >  >>