للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأرى أنَّه لا يصح هذا القول لأنَّ آدم - صلى الله عليه وسلم - لم يأت إلى الأرض بدلاً عن الجنِّ أو الملائكة، بل بقي الجنُّ في الأرض بعد مجيئه، كما بقيت أنواعٌ من الملائكة تنزل إلى الأرض، فهو في الحقيقة مشاركٌ لهما في سكنى الأرض وليس خَلَفاً لهما، إلا أنْ يُقال: إنَّ السيطرة أصبحت للإنسان وألجئ الجنُّ إلى الجبال والجزائر فكان هو المسيطر والخليفة دون الجنِّ.

٢ - «وإن قلنا هو فعيل بمعنى مفعول - كجريح بمعنى مجروح، وقتيل بمعنى مقتول - يكون المعنى: أنَّه يخلفه مَنْ بعدَه، وعلى هذا المعنى حَمَلَ قولَه - عز وجل - في حق آدم: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ (خَلِيفَةً} مَنْ قال: إنَّ آدم أولُ من عمر الأرض وخلفه فيها بنوه بعده» (١).

قال النَّحاس (٢): وإطلاق الخليفة على أمير المؤمنين محتمل لهذين الوجهين، وأَولاهما أنه يخلف من كان قبله. ويُجْمَعُ لفظ (الخليفة) على خلفاء بناءً على المعنى المذكََّر، ويُجْمَعُ على خلائف بناءً على اللفظ المؤنث (٣).

تعريف الخليفة شرعاً:

هو الإمام الأعظم القائم بخلافة النُّبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا (٤).

وكلمة (خليفة) ليست اصطلاحاً اصطلح عليه المسلمون بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما ذكر بعضهم (٥)، فقد ورد هذا المصطلح في الشرع للدلالة على من يتبوأ منصب


(١) صبح الأعشى للقلقشندي: ٥/ ٤١٨. تفسير البغوي: ١/ ٦٠. مآثر الإنافة للقلقشندي: ١/ ٩. تفسير القرطبي: ١/ ٢٦٣. وانظر مراجع حاشية (٩) من ص (١٠). وهذا المعنى يشير إلى عدم ديمومة هذا الحال، فيُذكِّر الخليفةَ بدايةً أنَّه مخلوف، أي سيذهب ويخلُفه غيرُه، كما جاء هو خلفاً لمن كان قبْلَه، فيحثُّه ذلك على تقوى الله في منصب ذاهب غير دائم، وهو معنى جميل.
(٢) صناعة الكُتَّاب للنحَّاس: ص ٩٦.
(٣) مآثر الإنافة للقلقشندي: ١/ ١٠، ١١، ١٢. وانظر تفسير القرطبي: ١/ ٢٦٣. وتفسير البغوي: ١/ ٦٠ عند قوله تعالى: «إني جاعلٌ في الأرض خليفة» حيث ذكر الرأيين معاً. صناعة الكُتَّاب للنحَّاس: ص ٩٧.
(٤) مغني المحتاج للخطيب الشربيني: ٤/ ١٢٩ كتاب البغاة، فصل في شروط الإمام. الأحكام السلطانية للماوردي: ص٥ الباب الأول في عقد الإمامة. تحفة المحتاج للهيتمي: ١١/ ٣٤٧. نهاية المحتاج للرملي: ٧/ ٤٠٩ كتاب البغاة، فصل في شروط الإمام الأعظم. وانظر معالم الخلافة للدكتور الخالدي: ص ٢٧. الخلافة لرشيد رضا: ص ٨٧. موقع الخلافة على الإنترنت: www.khilafah.net/subdustur.php .
(٥) كما قال الخطيب في كتابه الخلافة والإمامة: ص ٢٤٢، ٣٣٧. وهو رأي الدكتور العوا الرئيس الحالي للاتحاد = = العالمي لعلماء المسلمين.

<<  <   >  >>