للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهما» بأن معنى الحديث لا تطيعوه وأعرضوا عنه أو اخلعوه، فيكون كمن قُتل، وكذا قال الخطابي في قول عمر - رضي الله عنه - يوم السقيفة في حق سعد: اقتلوه. أي اجعلوه كمن قتل (١). وقيل: معناه أنه إن أصر فهو باغ يقاتل (٢).

وقال السيوطي: «معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فاقتلوا الآخر) أي أنه يقاتل ولو أدى ذلك إلى قتله» (٣).

وسببُ تشددِ الشرع في حكم من يطلب الخلافة مع وجود خليفة، أنه لو تُرك وما يريد فسيؤدي إلى فتنة كبيرة وإلى شق صف المسلمين وضعفهم، لهذا كان قتله أفضل من سفك دم آلاف معه، ممن أيَّده أو ممن عارضه، إذا استفحل أمره.

[٢ - الحالة الثانية: تعدد الخلفاء عند جهل تاريخ مبايعة كل منهما]

عرفنا حكم مبايعة خليفتين على التعاقب فيما مر، أما إذا لم يُعلم تاريخُ مبايعة كلِّ خليفة، فالأمر يخضع للاجتهاد؛ لأن الأدلة التي أمرت بقتل الثاني إنما هي عند معرفة الخليفة الأول، وأما عند جهله فلا دليل، لذا فقد اختلفت أقوال العلماء؛ فقال جمهور المتكلمين من أهل السنة (٤)، والحنفية (٥) والشافعية (٦) والمالكية (٧) ورواية عند الحنابلة (٨)، والإباضية (٩)، وأبو علي من المعتزلة (١٠) يجب إبطالُ الجميع،


(١) فتح الباري لابن حجر: ١٢/ ١٥٦.
(٢) مغني المحتاج للخطيب الشربيني: ٤/ ١٣٢. شرح النووي على صحيح مسلم: ١٢/ ٢٤٢. المواقف للإيجي: ٣/ ٥٩١. شرح المواقف للجرجاني: ٨/ ٣٥٣.
(٣) الديباج للسيوطي: ٤/ ٤٦١.
(٤) غاية المرام للآمدي: ص ٣٨٢. أصول الدين للبغدادي: ص ٢٨١. غياث الأمم للجويني: ص ٩٣. المعتمد في أصول الدين للفرَّاء: ص ٢٥٠.
(٥) البحر الرائق لابن نجيم: ٦/ ٢٩٩.
(٦) مغني المحتاج للخطيب الشربيني: ٤/ ١٣٢ كتاب البغاة. تحفة المحتاج للهيتمي: ١١/ ٣٥٤. روضة الطالبين للنووي: ١٠/ ٤٧. الأحكام السلطانية للماوردي: ص ١٠. أسنى المطالب للأنصاري: ٤/ ١١١. الموسوعة الفقهية: ٦/ ٢٢٦. مآثر الإنافة للقلقشندي: ١/ ٤٧، ٥٠.
(٧) التمهيد في الرد على الملحدة للباقلاني المالكي: ص ١٨٠.
(٨) مطالب أولي النهى للرحيباني: ٦/ ٢٦٥ - ٢٦٦. كشاف القناع للبهوتي: ٦/ ١٦٠. الأحكام السلطانية للفرَّاء: ص ٢٥. شرح منتهى الإرادات للبهوتي: ٦/ ٢٧٦. الموسوعة الفقهية: ٦/ ٢٢٦ (الإمامة الكبرى: شروط صحة ولاية العهد).
(٩) شرح كتاب النيل لأطفيش: مج ١٤/ج ١ ص ٣٣٥ - ٣٣٦، ٣٦٩، ٣٧٠.
(١٠) الإمامة من كتاب المغني للقاضي عبد الجبار: ص ٢١٠. شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار: ص ٧٥٧.

<<  <   >  >>