للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلافة بعد ذلك فليس له صبغة فقهية يُستدل بها على أحكام التعدد، لذا أدرجته ضمن القسم التاريخي لا الفقهي.

وقد كان ما حصل بين عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما والأمويين المظهرَ الثالث لتعدد الخلافة في التاريخ الإسلامي، وذلك بعد ما حصل بين علي ومعاوية أولاً، ثم بين الحسن بن علي ومعاوية - رضي الله عنهم - ثانياً.

ولما تنازل الحسن بن علي - رضي الله عنه - عن الخلافة لمعاوية هدأت النفوس واستقرت الخلافة لمعاوية - رضي الله عنه - واجتمعت كلمة المسلمين عليه، ثم ما لبثت أن عادت الخلافات إلى السطح مرة أخرى عندما أراد معاوية أن يبايع لابنه يزيد بالخلافة من بعده (١)، والتي جاءت على الشكل التالي:

١ - عبد الله بن الزبير ويزيد بن معاوية (٢):

أراد معاوية - رضي الله عنه - أن يعهد بالخلافة من بعده لابنه يزيد ويبايع له، حتى لا تظهر الفتنة في أمر الخلافة مرة ثانية بعد موته، ورغم ذلك فقد كان عهدُ يزيد عهدَ اضطرابات سياسية، فقد ثار عليه معظم الأمصار الإسلامية كالبصرة والكوفة والمدينة والحجاز عموماً.

وكانت بداية ظهور فكرة تولية يزيد الخلافة بعد معاوية - رضي الله عنه - عندما أراد معاوية - رضي الله عنه - أن يعزل المغيرةَ بنَ شعبة عن الكوفة، فسمع بذلك المغيرة فقدم إلى الشام وطرح عليه فكرة تولية يزيد بعده ليتراجع عن عزله وذكر له أنه يعمل على ذلك، فأعجب معاوية - رضي الله عنه - بذلك - ولعل الأمر كان في نفسه أيضاً - وأعاده والياً على الكوفة ليُتِمَّ ما بدأه (٣).

وصار معاوية - رضي الله عنه - يمهِّد لإعلان ذلك، فدعا وفود الأمصار إليه وبدأ يرتب


(١) لم تكن مبايعة يزيدِ بنِ معاوية - التي طلبها معاويةُ - رضي الله عنه - من الناس - مبايعةً بالخلافة في حياة أبيه بل بعد وفاته، فلم يجمع معاوية - رضي الله عنه - بين بيعتين في وقت واحد. انظر صبح الأعشى للقلقشندي: ٤/ ٢٨. تاريخ الطبري: ٣/ ٢٤٨. البداية والنهاية لابن كثير: ٨/ ٨٦.
(٢) انظر ترجمة ابن الزبير في فهرس التراجم رقم (٨٢). ويزيد بن معاوية رقم (١٢٣).
(٣) تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص ٢٠٥. سير أعلام النبلاء للذهبي: ٤/ ٣٩. تاريخ اليعقوبي: ٢/ ٢١٩ - ٢٢٠. المحاسن والمساوئ للبيهقي: ١/ ١٠٨.

<<  <   >  >>