للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنهم - (١)، وكان ابن الزبير من أشدهم إنكاراً وكانت وجهة نظره أنه لا يجوز أن يبايع لاثنين معاً، فقد روى الأصبهاني عن ابن شهاب أن القاسم بن محمد أخبره أن معاوية أُخبر أن عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير - رضي الله عنهم - خرجوا من المدينة عائذين بالكعبة من بيعة يزيد، فلما قدم معاوية مكة دعا ابن الزبير فقال له: هذا صنيعك أنت استزللت هذين الرجلين وسننت هذا الأمر وإنما أنت ثعلب رواغ لا تخرج من جحر إلا دخلت في آخر. فقال ابن الزبير: ليس بي شقاق ولكن أكره أن أبايع رجلين، أيكما أطيع بعد أن أعطيكما العهود والمواثيق! فإن كنتَ مللتَ الإمارة فبايع ليزيد فنحن نبايعه معك، ويبدو أن معاوية - رضي الله عنه - اتهم كل واحد منهم بأنه كان وراء رفض مبايعة يزيد ليتبين له من كان يقود هذه المعارضة (٢).

وأعرَض بعد ذلك معاوية - رضي الله عنه - عن البيعة حتى مات الحسن بن علي - رضي الله عنه - سنة ٥١ هـ (٣)، فأخذ بعدها من الناس البيعة العامة ليزيد، وترك الحسين وابن عمر وابن أبي بكر وابن الزبير - رضي الله عنهم - دون أن يبايعوا (٤) وبهذه البيعة أصبح يزيد بن معاوية ولي العهد لأبيه، وأصبحت بيعته ملزمة للناس وهو خليفة المسلمين المنتظر، وطاعته واجبة في غير معصية الله.

وكان ما قام به معاوية - رضي الله عنه - في نظر بعضهم (٥) - عاملاً من عوامل جمع


(١) الإمامة والسياسة المنسوب للدينوري: ص ١٢٥. البداية والنهاية لابن كثير: ٨/ ٨٦. تاريخ اليعقوبي: ٢/ ٢٤٨.
(٢) تاريخ الطبري: ٣/ ٢٤٨. تاريخ خليفة بن خياط: ص ٢١٤ بإسناد حسن. حلية الأولياء للأصبهاني: ١/ ٣٣٠ - ٣٣١. وانظر قول الأحنف في تولية يزيد في البداية والنهاية لابن كثير: ٨/ ٨٦. وانظر رأي سعيد بن المسيب في مبايعة اثنين فأكثر في تاريخ الطبري: ٣/ ٦٦٦. الكامل: ٣/ ٣٤٩ - ٣٥٥ أحداث سنة ست وخمسين. البدء والتاريخ للمقدسي: ٦/ ٦ - ٧.
(٣) عند اليعقوبي في تاريخه: ٢/ ٢٢٥ كانت وفاة الحسن بن علي سنة ٤٩ هـ. وكذا عند ابن كثير في البداية والنهاية: ٨/ ٣٧. وتاريخ خليفة بن خياط: ص ٢١٤. والبدء والتاريخ للمقدسي: ٦/ ٥.
(٤) تاريخ اليعقوبي: ٢/ ٢٢٨ - ٢٢٩. الإمامة والسياسة المنسوب للدينوري: ص ١٢٦. وانظر: السنة للخلال: ٣/ ٥٢٠ رقم (٨٤٤) وقال: رواته ثقات غير أنه مرسل. البداية والنهاية لابن كثير: ٨/ ٨٦. طبقات ابن سعد: ٤/ ١٦٩.
(٥) مقدمة ابن خلدون: ص ٢٠٦. وانظر تعليق محب الدين الخطيب على العواصم من القواصم لابن العربي: ص ١٦٩ حاشية (٢) من طبعة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف في المملكة العربية السعودية عام ١٤١٩ هـ. ومقدمة الدكتور محمد زينهم محمد عزب على كتاب قيد الشريد لابن طولون: ص ١٠.

<<  <   >  >>