للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المهدي استلم بعده ابنه أبو القاسم الخلافة وتلقب بالقائم، واستأنف سياسة أبيه في غزو مصر سنة ٣٢٤ هـ، إلا أن الإخشيد تمكن مرة ثانية من إلحاق الهزيمة بهم (١).

[الخليفة المعز لدين الله وتحقيق هدف الفاطميين في فتح مصر]

بعد وفاة كافور سنة ٣٥٧ هـ -والذي كان قد خَلَفَ محمد بن طغج الإخشيد- زالت آخر عقبة أمام الفاطميين نحو تحقيق حلمهم في فتح مصر، إذ لم تكن هناك شخصية قوية تخلف كافوراً في تولي شؤون الحكم، التي آل أمرها إلى الوزير جعفر بن الفرات، فعجز عن التوفيق بين رغبات الطائفتين الإخشيدية والكافورية، في الوقت الذي استمرت فيه الأزمات الاقتصادية نتيجة فساد الإدارة السياسية (٢).

مما دعا المصريين إلى مكاتبة المعز لدين الله بإفريقية يطلبون منه إرسال جيش للاستيلاء على مصر، لعلهم يجدون في الخلافة الفاطمية قوة فتية قادرة على إقالة البلاد من عثرتها، وتدارك ما اعتراها من تدهور وفساد (٣)، ولإدراكهم مدى ضعف الخلافة العباسية التي استبد بالأمر فيها البويهيون الشيعة.

وكان الخليفة المعز قد بيَّت النيَّة للانتقال إلى الشرق قبل فتح مصر بوقت طويل، يدل على هذا الدنانير الفاطمية الثلاثة التي تحمل مكان الضرب «مصر» والتي كانت مؤرخة في السنوات ٣٤١ هـ، ٣٤٣ هـ، ٣٥٣ هـ، أي قبل دخول الفاطميين مصر وتأسيس القاهرة، وذلك بغرض ترويجها (٤).

يقول المقريزي مشيراً إلى الاضطراب السياسي والاختلال الاقتصادي الذي عانت منه مصر في أعقاب وفاة كافور: «ثمَّ مات كافور فكثر الاضطراب وتعددت الفتن، وكانت حروب كثيرة بين الجند والأمراء قُتل فيها خلق كثير، وانتهبت أسواق البلد، فاشتد خوف الناس، وضاعت أموالهم، وتغيرت نياتهم، وارتفع السعر وتعذر وجود الأقوات، واختلف العسكر، فكاتب الكثير منهم المعز


(١) اتعاظ الحنفا للمقريزي: ١/ ٧٤. الولاة والقضاة للكندي: ٢٨٤ - ٢٨٧.
(٢) الدولة الفاطمية للدكتور أيمن سيد: ص ١٣٢ - ١٣٣.
(٣) بدائع الزهور لابن إياس: ١/ ١/١٨٤. الدولة الفاطمية للدكتور أيمن سيد: ص ١٣٣.
(٤) الدولة الفاطمية للدكتور أيمن سيد: ص ١٢٩ - ١٣٠.

<<  <   >  >>