للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً - الأندلس في عصر الإمارة الأموية:

شجعت الأوضاعُ المضطربة في أفريقية النزعةَ الاستقلالية للأندلس، وكان آخر الولاة فيها قبل دخول عبد الرحمن الداخل إليها، هو يوسفُ بن عبد الرحمن الفهري (١) من زمن مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، واستمر عليها أيام السفاح وأول أيام أبي جعفر المنصور بعده، حتى استولى عليها عبد الرحمن الداخل سنة ١٣٨ هـ في خلافة أبي جعفر المنصور، ونجح في القضاء على عدة ثورات ضده (٢)، وأعلن من قرطبة انفصال إقليم الأندلس عن حكم الدولة العباسية انفصالاً تاماً، مُنْهياً بذلك عهد تبعية الولاة الصوري للعباسيين (٣).

ولابد من الإشارة هنا إلى أن عبد الرحمن الداخل اتبع سياسة واقعية في بداية عهده تجاه العباسيين ساهمت في طمأنتهم، فإنه أخذ في بداية حكمه يدعو للمنصور العباسي (١٣٦ - ١٥٨ هـ/٧٥٤ - ٧٧٥ م) ولم يقطع الخطبة له مباشرة، بل أبقاها على منابر الأندلس أشهراً دون السنة (٤)، ثم تغير الحال عندما أظهر المنصور


(١) انظر ترجمة يوسف بن عبد الرحمن الفهري في فهرس التراجم رقم (١٢٤).
(٢) انظر لمعرفة من قام على الداخل نفح الطيب: ٣/ ٥٤.
(٣) البيان المغرب لابن عذاري: ٢/ ٤٨، ٥٠. تاريخ ابن خلدون: ٤/ ١٢١. أخبار مجموعة لمجهول: ص ٧٠، ٨٣، ٩٠. تاريخ افتتاح الأندلس لابن القوطية: ص ٢٤٠ - ٢٧٧. سير أعلام النبلاء للذهبي: ٨/ ٢٤٦. وانظر: مصر والمصادر الأولى للتاريخ الأندلسي لمحمود علي مكي: صحيفة معهد الدراسات الإسلامية، المجلد الخامس: ص ٨٠. العرب ودورهم السياسي والحضاري لإلهام الدجاني، رسالة دكتوراه: ص ٣٠. العلاقات السياسية والثقافية لسالم الخلف: ص ٣٢، ٦٧.
(٤) وقع اختلاف بين المؤرخين في مقدار الفترة التي واصل فيها الداخل الدعاء للمنصور: فابن الكردبوس أشار في معرض حديثه عن عبد الرحمن الناصر إلى أنه تسمى بالخلافة بعد أن كان آباؤه يدعون لبني العباس (الاكتفاء في أخبار الخلفاء لابن الكردبوس: ص ٦٠ - ٦١) ولم يؤيد ابنَ الكردبوس في هذا إلا ابنُ دينار (ابن أبي دينار: أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم الرغيني القيرواني كان حياً سنة ١١١٠هـ، المؤنس في أخبار أفريقيا وتونس لابن أبي دينار: ص ٤٢، ١٠٠) إلا أن التناقض يظهر في روايتيه حين يعود إلى حديثه عن الداخل حيث أنه أشار أنه وبنوه لم يخطب أحد منهم لبني العباس (تاريخ الأندلس لابن الكردبوس: ص ٤٤). = = أما ابن عذاري فلم يحدد المدة ولكنه ذكر أن قطع الدعاء وقع في سنة ١٣٩هـ، إذاً فلم تبلغ المدة السنة أبداً (البيان المغرب لابن عذاري: ٢/ ٤٨).
وأشار ابن حزم إلى أن الداخل خطب للمنصور أعواماً (نقط العروس في تواريخ الخلفاء لابن حزم، مجلة الآداب في جامعة القاهرة، المجلد ١٣: ٢/ ٧٥). وقال صاحب ذكر بلاد الأندلس إن الداخل خطب للمنصور سنتين (في ذكر بلاد الأندلس لمجهول: ص ١١٤).
ويحدد ابن الأثير فترة الدعاء بعشرة أشهر فقط (الكامل لابن الأثير: ٥/ ٢٠٩). ويتابعه النويري (نهاية الأرب: ٢٣/ ٣٤٦) والمقري (نفح الطيب: ٣/ ٥٩) وقرَّر ابن الأبَّار أنَّ المدة دون السنة (الحلة السيراء: ١/ ٣٥ - ٣٦). والراجح أنَّ المدة هي عشرة أشهر. وانظر: العلاقات السياسية والثقافية لسالم الخلف، رسالة ماجستير: ص ١٠٠ - ١٠٢.

<<  <   >  >>