للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقف العرب إلى جانبها أثناء الحرب العالمية، وبالتالي حاولت استرضاءهم بالمساعدة في تحقيق حلم الوحدة العربية، وفي هذا السياق أدلى مستر إيدن وزير الخارجية البريطاني بتصريح في ٢٩ أيار سنة ١٩٤١ م، جاء فيه: «إن كثيراً من مفكري الغرب يرجون للشعوب العربية درجة من الوحدة أكبر مما يوجد بها الآن، ويبدو أنه من الطبيعي ومن الحق وجوب تقوية الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلدان العربية، بل والروابط السياسية أيضاً، وحكومة صاحب الجلالة من ناحيتها ستؤيد أية خطة تلقى من العرب موافقة عامة».

بيد أن التصريح البريطاني قد قوبل من الجانب العربي بفتور شديد، نظراً لمعرفة العرب بالأهداف الحقيقية التي حملت بريطانيا على تأييد فكرة جامعة الدول العربية، ولذلك أصدر الوزير البريطاني المشار إليه تصريحاً ثانياً جاء فيه: «إن حكومة صاحب الجلالة - كما أوضحت من قبل - تؤيد كل حركة يقوم بها العرب لتعزيز الوحدة الاقتصادية، والثقافية، والسياسية بينهم. ومن الجلي أن الخطوة الأولى لتحقيق أي مشروع يجب أن تأتي من جانب العرب أنفسهم» (١).

[المشاورات التمهيدية لجامعة الدول العربية]

استجابت الحكومة المصرية برئاسة مصطفى النحاس للنداء البريطاني الثاني، وبدأت تعمل على إيجاد صيغة مناسبة للوحدة العربية منذ عام ١٩٤٣ م، ودعت الدول العربية المستقلة، والتي خضعت للاستعمار بشكل غير مباشر وتمتعت بما يعرف بالحكم الذاتي، إلى إرسال مندوبيها لحضور اجتماع بالإسكندرية، بغية التشاور حول الصيغة الملائمة للوحدة العربية، فحضر مندوبو كل من العراق، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، والسعودية، والأردن (٢).

وقد استمرت جلسات التشاور وتبادل الآراء بين مندوبي الأقطار العربية عاماً كاملاً، وطُرِحت أشكال عدة وتصورات مختلفة للشكل الذي يحسن أن تكون عليه الوحدة العربية، فاقترح البعض قيام وحدة تضم سوريا ولبنان وشرق الأردن وفلسطين في دولة واحدة تُسمى سوريا الكبرى، وكان صاحب هذه الفكرة الأمير


(١) دراسات في السياسة الخارجية المصرية لسمعان بطرس فرج الله: ص ١٩٤.
(٢) علم السياسة والعلاقات الدولية لمحمد بهاء الدين: ص ١٤٩.

<<  <   >  >>