للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطلحة بن عبيد الله (١) والزبير بن العوام - رضي الله عنهم - ولكن فَهِمَ عامةُ الناس هذا كمعارضةٍ لعثمان - رضي الله عنه -، استثمرها رأسَ المنافقين عبد الله بن سبأ (٢) مما أوصل الأمور إلى النهاية التي وصلت إليها، والتي لم يكن يريدها أحد من الصحابة.

هذه الأحداث شكَّلت قاعدة لمعاوية للمطالبة بالقصاص من قتلة عثمان، وكانت هذه المطالبة المدخلَ لأولِ تعددٍ للخلفاء في تاريخ الإسلام.

وسأذكر من الانتقادات التي وجهت لعثمان - رضي الله عنه - اثنين:

الانتقاد الأول: كان أول ما واجه عثمان - رضي الله عنه - بعد مبايعته (٣) ما فعله عبيد الله ابن عمر من قتله الهرمزان وجفينة وابنة أبي لؤلؤة، بعد أن حامت الشبهات حولهم في أنهم تآمروا على قتل أبيه، ذلك أن عبد الرحمن بن أبي بكر قال غداة طُعن عمر: مررتُ على أبي لؤلؤة عشي أمس ومعه جفينة والهرمزان وهم نجيٌّ (٤) فلما رهقتُهم (٥) ثاروا وسقط منهم خنجر، له رأسان نصابه في وسطه فانظروا بأي شيء قُتل. وكان قد تخللَ أهلَ المسجد وخرج في طلب أبي لؤلؤة رجلٌ من بني تميم،


(١) لقد كان طلحة - رضي الله عنه - ممن سار بعيداً في نصح عثمان - رضي الله عنه - حتى إنه شارك في حصار عثمان - رضي الله عنه - ثم رجع عنه. انظر مسند أحمد: ١/ ٥٣٥ - ٥٣٦ رقم (٥١١) قال محقق الكتاب: «حديث صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف» و: ١/ ٥٥٦ رقم (٥٥٢) قال محقق الكتاب: «إسناده ضعيف». والسنة لابن أبي عاصم: ص ٥٨٥ رقم (١٢٨٨) واللفظ له: « .. فرأيت عثمان - رضي الله عنه - أشرف فقال: أفيكم طلحة؟ فسكتوا، فقال: أفيكم طلحة؟ فسكتوا فقال: أفيكم طلحة؟ فقام طلحة بن عبيد الله، فقال عثمان: نشدتك الله يا طلحة هل تعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بمكان كذا وكذا وأنا وأنت معه ليس معه غيري وغيرك فقال: يا طلحة إن لكل نبي رفيقاً من أمته معه في الجنة وإن عثمان بن عفان هذا رفيقي في الجنة؟ قال: فقال طلحة: اللهم نعم.» وانصرف عنه. وسنن النسائي: ٦/ ٤٦ كتاب الجهاد، باب فضل من جهز غازياً، رقم (٣١٨٢)، السنن الكبرى للنسائي: ٤/ ٩٥ كتاب الأحباس، باب وقف المساجد رقم (٦٤٣٣) عن الأحنف بن قيس. وانظر تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص ١٥٧.
(٢) لقد لعب عبد الله بن سبأ الذي أسلم في عهد عثمان - رضي الله عنه - دوراً خطيراً جداً في بث الفتنة في الأمصار حتى يمكن عزو بذور الفتنة كلها إليه. انظر تفاصيل كيده في تاريخ الطبري: ٢/ ٦٤٧ وما بعدها. والفتنة ووقعة الجمل للأسدي: ص ٤٨ وما بعدها.
(٣) بويع عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين فاستقبل بخلافته المحرم سنة أربع وعشرين. انظر: التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان للمالقي: ص ٢٧.
(٤) أي متناجين كما في قوله - عز وجل -: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً} يوسف/٨٠. أَي اعتزلوا مُتَناجين. انظر لسان العرب لابن منظور: ١٥/ ٣٠٨ مادة (نجا).
(٥) أصل الرَهق أن يأتي الشيء ويَدنو منه , يقال: رهَقت القوم أي غشيتُهم ودنوت منهم ; قال الله - عز وجل -: {وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوْهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلّةٌ}. انظر: غريب الحديث لابن سلام: ٤/ ٣٧٠. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير: ٢/ ٢٨٣، مادة (رهق). لسان العرب لابن منظور: ١٠/ ١٢٩ مادة (رهق).

<<  <   >  >>