للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضي الله عنهما (الفاضحة) لأنها فضحت المنافقين، كما تناولتهم أيضاَ أجزاء كبيرة من سورة (النساء)، وأيضاً في سورة (الأحزاب)، وسورة (محمد)

ومن الآيات التي فضحت مخططاتهم وبصرت الأمة بصفاتهم {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٠٧)} (١). نزلت في المنافقين من أهل قباء اتخذوا مسجدا إلى جنب مسجد قباء، مضارة للمؤمنين ولمسجدهم الذي يجتمعون فيه، وقصدهم فيه الكفر، ليتفرق المسلمون ويختلفوا، وقد بنوا مسجدهم إعداداً، وإعانة للمحاربين لله ورسوله، الذين تقدم حرابهم واشتدت عداوتهم، وكانوا يحلفون أنهم ما أرادوا إلا الإحسان إلى الضعيف، والعاجز والضرير، فنزل الوحي فكذبهم وكشف بواطن قلوبهم، فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فهُدِّم وحُرِّق، وصار بعد ذلك مزبلة.

ومن الآيات التي تناولت خيانة المنافقين وتخذيلهم عن الثبات ونصرة المسلمين، قوله تعالى {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (١٢) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (١٤)} (٢). هذه عادة المنافقين عند الشدة والمحنة، لا يثبت لهم إيمان، أصابهم الجبن والجزع، ونسوا وعد الله ورسوله، وفاهوا بالكفر {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}، وبعضهم يعتذرون عن البقاء في الميدان بالأعذار الباطلة، وهم كذبة في ذلك، فما أرادوا إلا الفرار من المواجهة، مع كونهم أضعف من أن يدفعوا عن بيوتهم، بل ولا يثبتون على دينهم، فبمجرد أن يتغلب الأعداء، يعطونهم ما طلبوا، ويوافقونهم على كفرهم.


(١) - سورة التوبة. آية: ١٠٧
(٢) - سورة الأحزاب. آية: ١٢ - ١٤

<<  <   >  >>