للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله جل شأنه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} (١) وهنا تحذير من الانسياق وراء دعاوى القوم، أو الوقوع في شِراكهم، فإن غاية أمنياتهم، أن يردوهم إلى الكفر، ومبتغى سعيهم أن يُغْرِقوهم في الضلال.

وقوله تعالى {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} (٢) بيان إلهي واضح بأعداء المسلمين مرتبين حسب شدة عداوتهم فأولهم اليهود، ثم المشركون، والعجيب أن اليهود جاءوا في صدارة الأعداء، مع كونهم أهل كتاب، يعرفون صدق الرسول وصحة رسالته عليه الصلاة والسلام، ولكنه الظلم، والعلو في الأرض، وما جزاهم الله به من القسوة والطبع على القلوب، فلا يهتدون. ومن الآيات الكاشفة عن أعداء الأمة قوله تعالى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} (٣). فعداوتهم ظاهرة واضحة، فلا يستقيم الغفلة عنهم، ولا تجاهل أخطارهم.

وقوله تعالى {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} (٤). غلظة أكباد، وقسوة قلوب، فلا رحمة ولا شفقة تخالط مشاعرهم، مع خروج فاجر عن طاعة ربهم، ومتابعة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام.

وكما بينت الآيات عداوتهم الشديدة للإسلام ونبي الإسلام والمسلمين، فقد أكدت النهي عن اتخاذهم أولياء، أو أصفياء، فلا خير فيهم، ولا أمان معهم. وهذه الآيات المتتاليات في هذا المعنى الثابت، والأكيد:


(١) - سورة آل عمران. آية: ١٠٠
(٢) - سورة المائدة. آية: ٨٢
(٣) - سورة النساء. آية: ١٠١
(٤) - سورة التوبة. آية: ٧ - ٨

<<  <   >  >>