للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحسبنا من العلم " أنه الحاكم على الممالك، والسياسات، والأموال، والأقلام، فمُلْك لا يتأيد بعلم لا يقوم، وسيف بلا علم مِخْراق لاعب، وقلم بلا علم حركةُ عابث، والعلم مُسَلَّط على ذلك كله، ولا يحكم شيء من ذلك على العلم" (١). وإذا ذكر العلم فلابد من ذكر العمل فهما قرينان لا يفترقان في القرآن.

ب- العمل

" وهو ثمرة العلم، ولهذا قيل: علم بلا عمل، كشجر بلا ثمر .... وهو أيضا ثمرة الإيمان الحق، إذ لا يتصور إيمان بلا عمل .... فالإيمان الصادق لا بد أن يثمر عملاً. ولهذا قرن القرآن بين الإيمان والعمل في عشرات من آياته {آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (٢) .... ولقد بين القرآن أن الله تعالى خلق السموات والأرض، وخلق الموت والحياة، وجعل ما على الأرض زينة لها، لهدف واضح حدده بقوله سبحانه ... {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢)} (٣)، ومعنى هذا: أن الخالق جل شأنه لا يريد من الناس أي عمل، ولا مجرد العمل الحسن، بل يريد منهم العمل الأحسن، فالمسلم يجادل {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٤)، ويدفع {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ويستثمر مال اليتيم {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فهو يرنو دائماً إلى أحسن العمل وأكمله ,وأتقنه، وأجوده" (٥).

وبهذه الروح العلمية العملية عاشت مجتمعات المسلمين قروناً من العز، والسؤدد، والتقدم الحضاري، والرفاهية، حتى ضعفوا، واستكانوا، وذلوا وهانوا، وترك الكثيرون منهم العلم والعمل جميعاً، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه في عصورنا هذه، مما لا يحتاج إلى كلام أو بيان، والله المستعان.


(١) - علو الهمة للعلامة محمد بن إسماعيل المقدم ص: ٦. ط الأولى. مكتبة الكوثر. الرياض. ١٩٩٦
(٢) - جاءت في خمسين موضع مثل: البقرة آية: ٢٥ و ٨٢ و ٢٧٧، آل عمران آية: ٥٧، النساء آية: ٥٧ و ١٢٢ و ١٧٣
(٣) - سورة الملك. آية: ٢
(٤) - سورة الأنعام. آية: ١٥٢، والنحل آية: ١٢٥، الإسراء آية: ٣٤، المؤمنون آية: ٩٦، العنكبوت ٤٦، فصلت آية ٣٤
(٥) - ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده. ص: ١١٤ - ١١٦. بتصرف كبير

<<  <   >  >>