للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقفة مع التعريف السابق:

توقف الباحث كثيراً عند تعريفات هؤلاء الغربيين (١)، وإصرارهم على كون سبب المشكلات الاقتصادية، ندرة أو محدودية الموارد في مواجهة تعدد الحاجات، وهذا - فيما يبدو لي - خطأ فادح، وخلل رئيس في التصور لسبب المشكلة، فالموارد أبداً لم تكن يوما محدودة، ولا نادرة. فما استدعى الله تعالى خلقه للحياة الدنيا إلا وقد يسر لهم الأقوات، ووفَّر لهم الأرزاق قال سبحانه {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (٢) وقال تعالى {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (٣)، فليست مشكلة البشرية الاقتصادية في ندرة الموارد ومحدوديتها، بل في ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، واستئثار فئة قليلة بالثروات، بل نهبها، واغتصاب الأراضي، واستعباد الشعوب المستَضْعَفة، مع سوء التوزيع والاستهلاك للموارد المتاحة (٤)، {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠)} (٥). فهذا هو الأصل بركة في الأرزاق، ووفرة في الموارد.

تعريف الاقتصاد الإسلامي

لما ذكرت تعريف الغربيين للاقتصاد، رأيت لزاما أن أتعرض لتعريف الاقتصاد الإسلامي، وهو الاقتصاد الذي أسسه الإسلام عبر القواعد والتوجيهات القرآنيةوالنبوية.

" وقد تعددت عبارات المختصين حول بيان المقصود بالاقتصاد الإسلامي فبينما يذهب البعض إلى أنه:


(١) - المصدران السابقان ذاتهما.
(٢) - سورة هود. آية: ٦
(٣) - سورة إبراهيم. آية ٣٤
(٤) - بعد كتابتي لاعتراضي السابق، وجدت الأستاذ الكبير/ عيسى عبده. قد تكلم في نفس الأمر، وأكد على أن الأصل في الموارد الوفرة. في كتابه القيم الاقتصاد الإسلامي منهج ومدخل، ص ٣٣ - ٣٤، وص ٤٠. ط الأولى. دار نهضة مصر للطبع والنشر القاهرة. ١٩٧٤.
(٥) - سورة فصلت. آية ٩ - ١٠

<<  <   >  >>