للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسلام، أسوة كل مؤمن، تتعلق بافعاله، وأقواله، أنظار وقلوب المؤمنين، ليقتدوا به، ويسعدوا بمتابعته، بل إن هذا الأمر – الاقتداء والتأسي – هو أحد الأسباب الرئيسة، التي من أجلها جعل الله تعالى رسله الكرام من البشر، لا من الملائكة، لكي يتحقق بهم التأسي، ويتسنى للناس الاقتداء ببشر مثلهم، لهم نفس صفاتهم، ونمط حياتهم ويفعلون أفعال البشر، مثلهم تماماً، فتأنس إليهم الأرواح، وتُقْبِل عليهم القلوب تأسياً واقتداءً.

وقد ذكر القرآن الصفات الأساسية، التي ينبغي أن تشكل الأسوة، والقدوة لشخصية المؤمن، كما أرادها الله تعالى، ومنها ما ذكره سبحانه كصفات لبعض عباده، وأنبيائه في قوله سبحانه {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥٤)} (١). وقال عز وجل {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥)} (٢). وفي قوله تعالى {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦)} (٣). وغير ذلك من الايات الكريمات التي تبرز الصفات الجليلة التي ينبغي على أهل الإيمان التمسك والاقتداء بها.

ومن الأسس الهامة في بناء شخصية المسلم: العلم

حيث تتسامى شخصية المسلم بالعلم الذي يكشف له طريق الحق والخير وينير مسالك الحياة فيمضي فيها على هدى، فتتميز شخصيته عن غيره بالفكر والعلم المفيد قال عزَّ مِن قائلٍ مُمْتَنَّاً على نبيه بتعليمه {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} (٤). وقال سبحانه {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (٥). فجعل سبحانه تعليم العلم إحدى مهمات الرسول الكريم


(١) - سورة مريم. آية: ٥٤
(٢) - سورة هود. آية: ٧٥
(٣) - سورة آل عمران. آية: ١٤٦
(٤) - سورة النساء. آية: ١١٣
(٥) - سورة آل عمران. آية: ١٦٤

<<  <   >  >>