للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول:

القرآن أعظم الوسائل الإعلامية

المطلب الأول: المعجزة الباقية

خلق الله سبحانه الخلق، فلم يتركهم هملا، أو يدعهم سدى، بل أرسل إليهم الرسل معلمين وموجهين، وأنزل عليهم الكتب، وجعل لكل رسول آية عظمى على مثلها يؤمن البشر، فالناقة لصالح، وجعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم، والعصا والآيات الكبرى لموسى، والطب لعيسى عليهم جميعاً أفضل الصلوات والتسليم.

وكانت معجزة الرسول الخاتم عليه الصلاة والسلام قرآنا يتلى إلى يوم الدين، قال عليه الصلاة والسلام: " ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة." (١).

تحدى الله به الثقلين الإنس والجن فبان عجزهم {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)} (٢)، وأنزله بلسان عربي مبين فلم يسع الجن إذ سمعوه إلا أن قالوا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} (٣)، ولم يسمعه فصحاء العرب والبلغاء إلا شهدوا له بالحلاوة والطلاوة وأنه ليس بكلام البشر، ولإدراكهم تأثيره في النفوس كانوا يتواصون فيما بينهم بعدم الاستماع إليه، والتشويش عليه كما حكى عنهم ربهم سبحانه فقال {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (٤) إلا أنهم رغم ذلك لم يفلحوا بل جاء الأمر على غير ما يشتهون فمال الناس أكثر للقرآن وسماعه وصدق وعد الله سبحانه إذ يقول {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (٥)، وكما قال أبو الطيب المتنبي:


(١) - متفق عليه. البخاري كتاب فضائل القرآن. باب كيف نزل الوحي وأول مانزل، ٤/ ١٩٠٥ حديث رقم (٤٦٩٦) ومسلم. في كتاب الإيمان باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -. ص ٥٢. رقم الحديث (١٥٢)
(٢) - سورة الإسراء. آية: ٨٨.
(٣) - سورة الجن. آية: ١
(٤) - سورة فصلت. آية: ٢٦.
(٥) - سورة الصف. آية: ٨.

<<  <   >  >>