للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبد الله رضي الله عنه: ((بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسليم)) (١).

ولقد رأينا في الحديث السابق أن الرسول الكريم عرف الدين بكلمة واحدة هي ((النصيحة))، دلالة على أن النصيحة مرتكز الدين الأصيل، وأساسه الراسخ، إذ بدونها لا يصح إيمان المرء، ولا يحسن إسلامه، وهذا مصداق قول الرسول الكريم:

((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) (٢). ولا يمكن أن

يحب له ما يحب لنفسه إلا إذا كان له محبا نصوحا.

لا جرم أنه مرتقى صعب عسير المنال أن يحب الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه، ولكنه ليس بالمستحيل إذا استقر في حس هذا الإنسان أن حبه لأخيه ما يحب لنفسه شرط من شروط الإيمان، وأن الدين النصيحة، بل إنه ليغدو شيئا طبيعيا في تصرفات المسلم الحق الصادق الذي خالطت قلبه بشاشة الإسلام، وتاريخنا في القديم والحديث مليء بالشواهد على حب المسلمين الصادقين لإخوانهم ما يحبون لأنفسهم. ويحضرني في هذا المقام ما يتناقله شيوخ الجيل السابق من الأحياء عن التجار في بلاد الشام، ممن تجمعهم سوق واحدة، كسوق العطارين، وسوق الصباغين، وسوق الخياطين، وغيرها من الأسواق المسقوفة القديمة، كان أحدهم إذا سبق إليه مشتر، فاشترى منه بضاعة، ثم جاءه مشتر ثان، وكان جاره لم يستفتح نهاره ببيع بعد، قال له بلطف: اذهب واشتر ما يلزمك من جاري، فإني قد بعت، وهو لم يبع بعد.


(١) متفق عليه.
(٢) متفق عليه.

<<  <   >  >>