للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إني لأدخل الصلاة، وأنا أريد أن أطيلها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه)).

وجاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أتقبلون صبيانكم؟ فما نقبلهم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

((أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟)) (١).

وقبل الرسول الكريم الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن حابس التميمي، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا. فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال:

((من لا يرحم لا يرحم)) (٢).

وأراد عمر رضي الله عنه أن يولي رجلا على المسلمين، فسمعه يقول قولة الأقرع بن حابس: إنه لا يقبل صبيانه، فعدل عمر عن توليته قائلا: إذا كانت نفسك لا تبض بالرحمة لأولادك، فكيف تكون رحيما بالناس؟ والله لا أوليك أبدا، ثم مزق الكتاب الذي أعده لتوليته.

ولقد وسع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائرة الرحمة في حس الإنسان المسلم فإذا هي تشمل الحيوان أيضا فضلا على الإنسان، وذلك فيما كان ينثره على أسماع المسلمين من هدي حكيم؛ فقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

((بينما رجل يمشي بطريق اشتد به العطش، فوجذ بئرا، فنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر، فملأ خفه


(١) رواه الشيخان.
(٢) رواه البخاري ومسلم.

<<  <   >  >>