للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستحمله، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ممازحا: ((إنا حاملوك على ولد ناقة)) فقال: يا رسول الله، ما أصنع بولد ناقة؟ فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((وهل تلد الإبل إلا النوق؟)) (١).

وأخرج الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهرا، وكان يهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية من البادية، فيجهزه النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن زاهرا باديتنا ونحن حاضروه))، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبه، وكان رجلا دميما، فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه، ولا يبصره الرجل، فقال: أرسلني! من هذا؟ فالتفت فعرف النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي - صلى الله عليه وسلم - حين عرفه وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من يشتري العبد؟)) فقال: يا رسول الله! إذن والله تجدني كاسدا، فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لكن عند الله لست بكاسد) أو قال: ((لكن عند الله أنت غال)).

وأتت عجوز النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة. فقال مداعبا: ((يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز))، فولت العجوز تبكي، فقال: ((أخبروها أنها لا تدخلها، وهي عجوز؛ إن الله تعالى يقول: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} (٢).

ومن الأحاديث الدالة على نفسية الرسول المرحة المحبة للمداعبة والمزاح ما أخرجه الإمام أحمد عن عائشة (رضي الله عنها) قالت:

((خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس: ((تقدموا))، فتقدموا، ثم قال لي: ((تعالي حتى أسابقك))، فسابقته فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم، وبدنت،


(١) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
(٢) رواه الترمذي. وهو حسن بشواهده.

<<  <   >  >>