للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البشعة الرخيصة التي بدرت منه ذات يوم، تأتي على كل ما جناه في حياته من حسنات، وترده مفلسا خالي الوفاض من كل عاصم يعصمه من النار يوم الحساب الرهيب.

يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، يأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا. فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت خسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار)) (١).

فلا بدع أن تنتفي من حياة المسلمين الصادقين هذه التفاهات الفارغة، وتندر المشاحنات والخصومات المفضية إلى السباب والشتائم في المجتمع الإسلامي الحق الذي تسود فيه هذه القيم، وتعم تلك التوجيهات الخلقية العالية حياة الناس.

إن الفرد في المجتمع المسلم الحق ليحس في أعماقه أنه محاسب على كل كلمة يتفوه بها، إذا جرته غمرات الحياة إلى شيء من تلك الخصومات. إنه ليضبط انفعاله، ويتحكم في أعصابه وتعبيراته، ذاكرا قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

((المتسابان ما قالا، فعلى البادي منهما (٢) حتى يعتدي المظلوم (٣))) (٤).

ومن هنا هو يمسك لسانه عن السباب، ولو وجدت دواعيه، ويكف من


(١) رواه مسلم.
(٢) أي الإثم يقع على البادي.
(٣) أي يتجاوز حد الانتصار.
(٤) رواه مسلم.

<<  <   >  >>