للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن المسلم المستشعر معاني هذه النصوص ليهتز فرقا من مسؤولية الكلمة التي تطير عنه؛ ولذلك تراه متحفظا دوما فيما يصدر عنه من قول، يزن أقواله، ويقلبها على وجوهها قبل التفوه بها؛ لأنه يعلم بما لقن من هدي دينه أن هذه الكلمة التى يطلقها قد ترفعه إلى مقام الرضوان من ربه، وقد تهوي به إلى درك سخطه عليه وغضبه منه، وفي ذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظن أن تبلع ما بلغت، يكتب الله له بها سخطة إلى يوم القيامة)) (١).

فما أعظم مسؤولية الكلمة! وما أكبر الآثار المترتبة على ما تقذف به الألسنة الثرثارة من أقاويل!

إن المسلم التقي الناصع السريرة لا يستمع إلى هذر الناس، ولا يلقي بالا إلى ما يصدم سمعه من أقاويل وإشاعات وظنون. تموج بها مجتمعاتنا اليوم موجا. وبالتالي لا يرضى لنفسه أبدا أن يروي كل ما يسمع عن الناس من هذه الأقاويل والإشاعات والظنون، من غير تثبت وتيقن، بل إنه ليعد نقل كل ما يسمع وروايته لغيره قبل التثبت من صحته من الكذب المحرم الذي نص عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله:

((كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع)) (٢).

[حافظ للسر]

ومن صفات المسلم الحق أنه حافظ للسر، لا يفشي سرا ائتمنه عليه أحد. وحفظ السر دليل رجولة المرء، وقوة شخصيته، ومتانة خلقه، وهذا


(١) رواه مالك في الموطأ.
(٢) رواه مسلم.

<<  <   >  >>