للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى في نفوس المسلمين، وهو يرفع قواعد المجتمع الإسلامي، ويرسي دعائم الأخلاق فيه.

ومن شواهد حرصه على هذا المعنى قوله لعبد الرحمن بن سهل إذ رآه يتكلم، وكان أصغر القوم في الوفد الماثل بين يدي الرسول: ((كبر، كبر)) (١)، فسكت عبد الرحمن، وتكلم من هو أكبر منه (٢).

ويذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أبعد مدى في تقدير الكبار وأصحاب الفضل، فيجعل إكرامهم من إجلال الله تعالى؛ وذلك في قوله:

((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه (٣)، وإكرام ذي السلطان المقسط (٤))) (٥).

ولقد أثمرت هذه التربية في نفوس الجيل الأول من المسلمين، فأنشأت رجالا تجسدت فيهم تلك الأخلاق الفاضلة، فكانوا نماذج فذة في إجلال الكبار وأصحاب الفضل، أذكر منها على سبيل المثال أبا سعيد سمرة بن جندب رضي الله عنه الذي يقول:

((لقد كنت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلاما، فكنت أحفط عنه، فما يمنعني من القول إلا أن ها هنا رجالا هم أسن مني)) (٦).

ومن هذه النماذج التي يحتاج كل مسلم إلى التأسي بها في إجلال


(١) أي ليتكلم الأكبر.
(٢) متفق عليه.
(٣) أي التارك له، البعيد عن تلاوته والعمل بما فيه.
(٤) أي العادل.
(٥) حديث حسن رواه أبو داود.
(٦) متفق عليه.

<<  <   >  >>