للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه! أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي؟)) (١).

فما أبركها من عيادة! وما أجلها من زيارة! وما أعظمه من عمل! يقوم به

المرء تجاه أخيه المستضعف المريض، فإذا هو في حضرة رب العزة، يشهد عمله الجليل، ويثيبه عليه الثواب الجزيل! وهل هناك أجل وأعظم وأبرك من زيارة يشرفها ويباركها ويحض عليها رب السموات والأرض؟!

وما أكبرها من شقوة! تحيق بالمرء المتقاعس عن هذه العيادة، وما أشدها من خسارة تحل به! وما أبشعها من فضيحة يعلنها رب العزة على رؤوس الأشهاد:

يا بن آدم مرضت فلم تعدني! ... أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوتجدتني عنده؟!

وندع الخيال يتصور مرارة الندم والخيبة والخجلة التي تحز في نفس هذا المقصر المتقاعس المعرض عن عيادة أخيه المريض، ولات ساعة مندم.

إن المريض في المجتمع الإسلامي ليحس في ساعة الشدة والكرب أنه

ليس وحده، وأن عواطف المعيدين من حوله ودعواتهم تغمره وتخفف من بلواه، وهذه ذروة الرقي الإنساني، وقمة سمو المشاعر الإنسانية. ولم تعرف أمة في التاريخ هذا الري العاطفي، وهذا التجاوب الاجتماعي كما عرفتهما أمة الإسلام.

إن الإنسان المريض في الغرب قد يجد المستشفي الذي يضمه، والطبيب الذى يسعفه ويداويه، ولكنه قلما يجد اللمسة الحانية، والكلمة


(١) رواه مسلم.

<<  <   >  >>