للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحق المتطلع إلى رضوان ربه ومثوبته بريء من هذه الآفات، يدل على الخير فور علمه به، ويحظى بثواب ربه كفاعل الخير سواء.

[ميسر غير معسر]

والمسلم التقي الواعي مسير لا يعرف التعسير؛ لأن خلق المؤمنين التيسير في الأمور كلها، وهذا ما ارتضاه الله تبارك وتعالى لعباده إذ قال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (١).

ومن هنا جاء الهدي النبوي الكريم حاضا المسلمين على التيسير، ناهيا إياهم عن التعسير:

((علموا ويسروا ولا تعسروا، وإذا غضب أحدكم فليسكت)) (٢).

إنه لا يلجأ للتعسير وتعقيد الأمور إلا من كان في خلقه التواء، وفي طبعه كزازة، وفي تربيته نقص وخلل. أما الإنسان السوي المؤدب بآدب الإسلام، فلا يعرف التعسير، ولا يألف التعقيد، ولا يلجأ إلى عرقلة الأمور وتعطيل المصالح، مستهديا بخلق الرسول الكريم الذي أخبرت به أم المؤمنين السيدة عائشة قائلة:

((ما خير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله تعالى)) (٣).

إنها النظرة النبوية العالية الحصيفة الخبيرة بضعف الناس وتفاوت استعداداتهم للصعود والارتقاء والصبر، فما كان يناسبهم شيء كالتيسير، ولا


(١) البقرة: ١٨٥.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
(٣) متفق عليه.

<<  <   >  >>