للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمر الله القاطع بتحريمه تحريما لا مجال للتأويل أو الاجتهاد فيه:

((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا)) (١).

فالظلم شيء حرمه الله على نفسه، وهو الخالق الملك القدوس العزيز الجبار المتكبر، سبحانه، وجعله محرما بين العباد. أفيسوغ بعد ذلك أن يقع الظلم من مسلم مستمسك بعروة دينه الوثقى؟.

إن المسلم الحق لا يكون منه ظلم مهما كانت الأسباب والدواعي والظروف، وهذا ما أكده الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذ أخبر عن صفات المسلم الحق بقوله:

((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه (٢)، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة)) (٣).

لم يكتف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفي الظلم عن المسلم الحق حتى إنه لا يتصور أن يقع منه البتة، بل نفى عنه خذلانه لأخيه أيضا، وفي خذلانه إياه ظلم له وأي ظلم، ورغبه بعد ذلك في قضاء حاجة أخيه، وتفريج كربته، وستره، وكأنه يشير إلى أن التقاعس عن هذه الفضائل ظلم وتقصير وإجحاف في حق الأخوة التي تربط بين المسلم وأخيه.

ولقد رأينا النصوص في الفقرة السابقة تحض على العدل المطلق الذي

لا يميل ميزانه حب أو بغض أو ميل أو قرابة أو نسب، ورأينا النصوص في هذه الفقرة تنهى عن الظلم المطلق أيضا، وهذا يعني تطبيق العدل على كل


(١) رواه مسلم.
(٢) أي لا يخذله.
(٣) رواه البخاري.

<<  <   >  >>