للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المشبعة بتلك الرائحة، ولعمري إنها لأهون شانا وأخف وقعا على النفس من كثير من روائح الملابس والجوارب المتسخة، والأبدان القذرة المنتنة، والأفواه البخر، التي تفوح من بعض الأفراد المتساهلين أو الغافلين عن النظافة، فيتأدى الناس منها في مجامعهم.

وروى الإمام أحمد والنسائي عن جابر رضي الله عنه، أنه قال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائرا، فرأى رجلا عليه ثياب وسخة، فقال: ((ما كان يجد هذا ما يغسل به ثوتة؟)).

لقد أنكر الرسول الكريم أن يظهر الإنسان على الملأ بثياب وسخة ما دام قادرا على غسلها وتنظيفها، إشعارا منه، صلوات الله عليه، للمسلم بأن يكون دوما نظيف الثياب، حسن المظهر، محبب المنظر.

وكان يقول:

((ما على أحدكم إن وجد أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته)) (١).

إن الإسلام ليحض أبناءه جميعا في عديد من النصوص على النظافة؛ فهو يريد منهم أن يكونوا نظيفين دوما، تفوح ثيابهم بالطيب، وتفوح من أجسامهم الروائح النظيفة العطرة الزكية. وهذا ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الإمام مسلم بإسناده عن أنس بن مالك رضي الله عنهما، قال: ((ما شممت عنبرا قط، ولا مسكا، ولا شيئا أطيب من ريح رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)).

والأحاديث والأخبار في نظافة جسمه وملابسه، وطيب ريحه وعرقه، - صلى الله عليه وسلم -، كثيرة مستفيضة. منها: أنه كان إذا صافح المصافح، ظل يومه يجد ريح الطيب في يده، وإذا وضع يده على رأس الصبي، عرف من بين


(١) رواه أبو داود وابن ماجه بإسناد صحيح.

<<  <   >  >>