للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واشترى ابن عباس رضي الله عنه ثوبا بألف درهم فلبسه (١).

وما دام التجمل لا يبلغ حد التأنق المفرط، فهو من الزينة الطيبة التي أباحها الله لعباده وحض عليها:

{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (٢)

وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة- يعني: أيعد هذا من الكبر؟ - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق (٣)، وغمط الناس)) (٤).

وهذا ما فهمه الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان وساروا عليه. ومن هنا كان الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه حسن الهيئة والثياب، طيب الريح، حريصا على دوام التأنق في الملبس، بلغ من حرصه على إصلاح الشأن وتحسين الثياب والهندام أنه كان يحث الناس على ذلك، ويبالغ في حثهم على إصلاح هيئتهم، ولقد رأى ذات يوم أحد جلسائه في ثياب رثة، فانفرد به وقدم إليه ألف درهم ليصلح بها هيئته، فقال له الرجل: إني موسر، وفي نعمة، ولا أحتاج إليها، فقال له أبو حنيفة معاتبا: أما بلغك الحديث: ((إن الله يجب أن يرى أثر نعمته على عبده؟)) فينبغي لك أن تغير حالك، حتى لا يغتم بك صديقك.


(١) الحلية ١/ ٣٢١.
(٢) الأعراف: ٣٢ - ٣٣.
(٣) أي أن يتكبر الرجل على الحق فلا يقبله.
(٤) أي احتقارهم والاستهانة بهم.

<<  <   >  >>