للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"لا أعرفه"، وسأله عن آخر، فقال: "لا أعرفه"، وكذلك حتى فرغ من عَشَرَتِهِ.

فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض، ويقولون: "الرجلُ فَهِمَ"، ومَنْ كان لا يدرى قضَى على البخاري بالعَجْزِ، ثم انتدب آخر، ففعل كما فعل الأول، والبخاري يقول: "لا أعرفه"، ثم الثالث وإلى تمام العشرة أنفس، وهو لا يزيدهم على: "لا أعرفه"، فلما علم أنهم قد فرغوا، التفت إلى الأول منهم، فقال: "أما حديثك الأول فكذا، والثاني كذا، والثالث كذا إلى العشرة" فَردَّ كل متن إلى إسناده، وفعل بالآخرين مثلَ ذلك، فأقر له الناس بالحفظ، فكان ابن صاعد إذا ذكره يقول: الكبش النَّطَّاح) اهـ.

قال ابن النجار: سمعت شيخنا عبد الوهاب بن الأمين، يقول: (كنت يومًا مع الحافظ أبي القاسم بن عساكر، وأبي سعد بن السمعاني، نمشي في طلب الحديث ولقاء الشيوخ، فلقينا شيخًا، فاستوقفه ابنُ السمعاني، ليقرأ عليه شيِئًا، وطاف على الجزء الذي هو سماعُه في خريطته، فلم يجده، وضاق صدره، فقال له ابن عساكر: "ما الجزء الذي هو سماعه؟ "، فقال: كتاب "البعث والنشور" لابن أبي داود، سمعه من أبى نصر الزينبي، فقال له: "لا تحزن"، وقرأه عليه من حفظه أو بعضه)، قال ابن النجار: "الشك من شيخنا".

- قال ابن العميد: (ما كنت أظن في الدنيا حلاوة كحلاوة الوزارة أو الرياسة التي أنا فيها، حتى شاهدت مذاكرة الطبراني وأبي بكر الجعابي بحضرتي، وكان الطبراني يغلبه بكثرة حفظه، وكان أبو بكر يغلبه بفطنته حتى ارتفعت أصواتهما، إلى أن قال الجعابي: "عندي حديث ليس

<<  <   >  >>