للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحقيقة .. ؟ كيف التقى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وكيف آمن به ..... ؟

إنه: سلمان الفارسي، أو سلمان الخير صاحب رسول اللهِ، مثل أعلى لكل باحث عن الحقيقة بصدق وإخلاص وتجرد .. هيا بنا نقترب من مجلسه المهيب، وتعالوا معي نصغ إلى النبأ الباهر الذي يرويه.

يقول سلمان الفارسي رضي الله عنه: "كنتُ رجلاً من أهل أصبهان، من قرية يقال لها: "جي" .. وكان أبى دهقان (١) أرضه، وكنت من أحَبِّ عباد اللهِ إليه .. وقد اجتهدتُ في المجوسية، حتى كنت قاطن (٢) النار التي نوقدها، ولا نتركها تخبو .. وكان لأبي ضَيْعة، أرسلني إليها يومًا، فخرجت، فمررت بكنسية للنصارى، فسمعتهم يصلون، فدخلت عليهم أنظر ما يصنعون، فأعجبني ما رأيت من صلاتهم، وقلت لنفسي: "هذا خير من ديننا الذي نحن عليه" فما برحتهم حتى غابت الشمس، ولا ذهبت إلى ضيعة أبي، ولا رجعت إليه حتى بعث في أثري .. وسألت النصارى حين أعجبني أمرهم وصلاتهم عن أصل دينهم، فقالوا: في الشام .. وقلت لأبي حين عدت اليه: "إني مررت على قوم يصلون في كنيسة لهم فأعجبتني صلاتهم، ورأيت أن دينهم خير من ديننا" ... فحاورني، وحاورته ... ثم جعل في رجلي حديدًا، وحبسني ...

وأرسلت إلى النصارى أخبرهم أني دخلت دينهم، وسألتهم إذا قدم عليهم ركْبٌ من الشام، أن يخبروني قبل عودتهم إليها لأرحل إلى الشام معهم، وقد فعلوا، فحطمتُ الحديدَ، وخرجت، وانطلقتُ، معهم


(١) الدَّهقان: رئيس القرية، ورئيس الإقليم.
(٢) قاطن النار: القيم على نارِ المجوس ومُوقِدُها.

<<  <   >  >>