للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لتكرر عمل الترجمة هناك بين النصارى والمسلمين، فأتقن اللغة العربية في سنة واحدة، وعيَّنه الأمير رئيسًا لشئون الترجمة.

ومن ألقابه عند العوام: "سيدى تحفة" وذلك نسبة إلى كتابه الشهير: "تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب" ذلك الكتاب الذي كان بمثابة ضربة قوية على بنيان النصرانية، كتبه عالم من أكبر علماء النصرانية في عصره باعتراف أهلها وشهادتهم، والذى افتتحه بذكر قصة إسلامه التي نختصرها فيما يلي، فَلْنُصْغِ إليه الآن وهو يحكي لنا بداية هدايته، وكيف حَرَّرَ الله قلبه من رق الشرك والكفران، وشرح صدره للإسلام، فكان على نورٍ من ربه:

[اعلموا -رحمكم الله- أن أصلي من مدينة "ميُورْقَة" (١) -أعادها الله للإسلام - وهي مدينة كبيرة على البحر بين جبلين، يشقها وادٍ صغير، وهي مدينة متجر، ولها مرساتان -اثنان- عجيبتان، ترسو بهما السفن الكبيرة للمتاجر الجليلة، والمدينة في جزيرة تسمى باسم المدينة "ميورقة" وأكثر غاباتها زيتون وتين، ....

وكان والدى محسوبًا من أهل حاضرة "مَيورقة"، ولم يكن له ولد غيري، ولما بلغت ست سنين من عمري أسلمني إلى معلم من القسيسين، قرأت عليه الإنجيل، حتى حفظت أكثر من شطره في مدة سنتين، ثم أخذت في تعلم لغة الإنجيل، وعلم المنطق، في ست سنين.

ثم ارتحلت من بلدي "مَيورقة" إلى مدينة "لاردة" من أرض


(١) مَيُورقة: جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، جنوب شرقي أسبانيا اليوم، فتحها المسلمون سنة (٢٩٠ هـ)، إلى أن تغلب عليها العدو البرشلوني، وخربها سنة (٥٠٨ هـ).

<<  <   >  >>