للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكتب إليَّ: إذا أردت الخروج إلى بلاد الغُزَيَّة في شراء الأسرى، فاكتب إليَّ، فكتبتُ إليه، فقدم سمرقند، فخرجنا، فلما علم جَيْغَوَيْه، استقبلنا في عِدَّة من جيوشه، فأقمنا عنده، فعرض يومًا جيشه، فَمَرَّ رجل، فعظَّمه، وخلع عليه، فسألني عن السُّرماري، فقلت: "هذا رجل مبارز، يُعَدُّ بألف فارس"، قال: "أنا أبارزه"، فسكت، فقال جيغويه: "ما يقول هذا؟ " قلت: "يقول كذا وكذا"، قال: "لعله سكران لا يشعر، ولكن غدًا نركب"، فلما كان الغد ركبوا، فركب السُّرماري معه عمود في كُمِّه، فقام بإزاء المُبارِز، فقصده، فهرب أحمدُ حتى باعده من الجيش، ثم كَرَّ، وضربه بالعمود فقتله، وتبع إبراهيم بن شِماس، لأنه كان سبقه، فَلَحِقه، وعلم جيغويه، فجهَّز في طلبه خمسين فارسًا نقاوةً، فأدركوه، فثبت تحت تَلٍّ مختفيًا، حتى مَرُّوا كلّهم، واحدًا بعد واحد، وجعل يضرب بعموده من ورائهم، إلى أن قتل تسعةً وأربعين، وأمسك واحدًا، قطع أنفه وأذنيه، وأطلقه ليخبِر، ثم بعد عامين تُوفي أحمد، وذهب ابنُ شِماس في الفداء، فقال له جَيغويه: "من ذاك الذي قتل فرساننا؟ " قال: "ذاك أحمد السرماري"، قال: "فلم لم تحمله معك؟ " قلت: "توفي"، فصَكَّ في وجهي، وقال: "لو أعلمتني أنه هو لكنت أعطيته خمس مائة برذون -ضرب من الدواب-، وعشرة آلاف شاة".

وعن عبيد الله بن واصل قال: سمعت أحمد السرماري يقول، وأخرج سيفَه، فقال: "أعلم يقينًا أني قتلت به ألفَ تركي، وإن عشت قتلتُ به ألفًا أخرى، ولولا خوفي أن يكون بدعةً لأمرت أن يُدْفَنَ معي".

<<  <   >  >>