للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في جوف الليل، فعرض لنا رجل، فقال: "أيكم أحمد بن حنبل؟ "، فقيل له: "هذا"، فقال للجمال: "على رِسْلِك"، ثم قال: "يا هذا، ما عليك أنْ تُقتل ها هنا، وتدخل الجنة؟ "، ثم قال: "أستودعك الله"، ومضى، فسألت عنه، فقيل لي: (هذا رجل من العرب، من ربيعة، يعمل الصوف في البادية، يُقال له: "جابر بن عامر" يُذكَر بخير) (١).

وقال الإمام أحمد رحمه الله: (ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كلَّمني بها في "رحبة طوق" (٢)، قال: "يا أحمد! إن يقتلك الحق مُتَّ شهيدًا، وإن عِشْتَ عِشْتَ حميدًا"، فقوي قلبي) (٣).

وحكى الحافظ ابن كثير رحمه الله (أن أعرابيًّا نصح الإمام أحمد في المحنة، فقال: (يا هذا إنك وافد الناس فلا تكن شؤمًا عليهم، وأنك رأس الناس اليوم، فإياك أن تجيبهم إلى ما يدعونك إليه، فيجيبوا؛ فتحمل أوزارهم يوم القيامة، وإن كنت تحب الله، فاصبر على ما أنت فيه، فإنه ما بينك وبين الجنة إلا أن تُقْتَلَ قال الإمام أحمد: "وكان كلامه مما قوَّى عزمي على ما أنا فيه من الامتناع عن ذلك الذي يدعونني إليه") (٣).

وما أحسن ما كتب رجل أسره الصليبيون في بيت المقدس من أبيات على لسان المسجد الأقصى يخاطب صلاح الدين الأيوبيَّ رحمه الله تعالى:


(١) "سير أعلام النبلاء" (١١/ ٢٤١).
(٢) بلدة بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات.
(٣) "السابق" (١١/ ٢٤١).

<<  <   >  >>