للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن لله عبادًا فُطَنا ... طلَّقوا الدنيا وخافوا الفِتَنَا

نظروا فيها فلما علموا ... أنها ليسِت لحَيٍّ وطنا

جعلوها لُجَّة واتخذوا ... صالحَ الأعمالِ فيها سُفُنا

وحرصوا على إزاحة كل ما قد يعوقهم عن المضِّي قدمًا نحو غايتهم، بما في ذلك فضول المباحات.

قال عبد القادر الجيلاني لغلامه: "يا غلام! لايكن همك ما تأكل، وما تشرب، وما تلبس، وما تنكح، وما تسكن، وما تجمع، كل هذا: همُّ النفس والطبع، فأين هم القلب؟! هَمُّك ما أهمك، فليكن همك ربك -عز وجل- وما عنده".

ولما هَمَّ الإمام الجليل الليث بن سعد بفعلٍ مفضول ينافي العزيمة، قال له إمام المدينة يحيى بن سعيد الأنصاري: "لا تفعل، فإنك إمام يُنظر إليك".

وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: (وقال في يومًا شيخ الإسلام ابن تيمية -قدَّس الله روحه- في شىء من المباح: "هذا ينافي المراتب العالية، وإن لم يكن تركه شرطًا في النجاة"، أو نحو هذا من الكلام) (١) اهـ.

وقال الحافظ أبو الحسن على بن أحمد الزيدي: (اجعلوا النوافل كالفرائض، والمعاصي كالكفر، والشهوات كالسم، ومخالطة الناس كالنار، والغذاء كالدواء).

ورحل "يحيى بن يحيى" إلى الإمام مالك وهو صغير، وسمع منه وتفقه، (وكان مالك يعجبه سمته وعقله، روي أنه كان يومًا عند مالك في جملة أصحابه؛ إذ قال قائل: "قد حضر الفيل"، فخرج أصحاب مالك لينظروا إليه غيره، (أي: وبقي يحيى مكانه) فقال له مالك: "لم


(١) "مدارج السالكين" (٢/ ٢٦).

<<  <   >  >>