للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال عامر بن الطفيل العامري (١):

وإني وإن كنتُ ابنَ سَيِّد عامِرٍ ... وفارسِها المشهورِ في كل موكبِ

فما سوَّدتني عامِرٌ عن وارثة ... أبى الله أن أسمو بجدٍّ ولا أب

ولكنني أحمي حِماها وأتَقِي ... أذاها وأرمي مَنْ رماها بمنكِبيَ

وقال "الأبيوردي" مبينًا أنه لم يقنع بنسب آبائه وأجداده، وإنما حمع إلى مجدهم الموروث مجدًا اكتسبه بعلو همته (٢):

فشيدتُ مجدًا رَسَا أصلُه ... أمُتُّ إليه بأمٍّ وأب

وقال المتنبي:

ولست أبالي بعد إدراكي العُلا ... أكان تُراثًا ما تناولتُ أم كَسْبا

وقال معن بن أوس:

ورثنا المجد عن آباء صدق ... أسأنا في ديارهم الصنيعا


(١) "العقد الفريد" (٢/ ١٤٩)، وإذا اجتمع النسب الشريف مع العمل الصالح؛ فنِعِمَّا هو، وقد ميَّز الشافعية الإمام الشافعي -رحمه الله- بكونه قرشيًّا، وانظر: "الكافية" في الجدل، لإمام الحرمين.
(٢) وهذا أكمل ما يكون: أن ينضم المجد المكتسب إلى المجد الموروث، وأن تنضم "العصامية" إلى "العظامية"، [وُصِف عند الحجاج رجلٌ بالجهل، وكانت له إليه حاجة، فقال في نفسه: "لأختبرنه"، ثم قال له حين دخل عليه: "أعصاميًّا أنت أم عِظاميًّا؟ " -يريد: أشرُفتَ أنت بنفسك، أم تفتخر بآبائك الذين صاروا عظامًا؟ - فقال الرجل: "أنا عصامي، وعظامي" فقال الحجاج: "هذا أفضل الناس"، وقضى حاجته، وزاده، ومكث عنده، ثم فاتشه، فوجده أجهل الناس، فقال له: "تصدقني"، وإلا قتلتك"، قال له: "قل ما بدا لك، وأصدقك"، قال: "كيف أجبتني بما أجبتَ لما سألتك؟ "، قال له: "والله لم أعلم أعصامي خير أم عظامي، فخشيت أن أقول أحدهما، فأخطىء، فقلت: أقول كليهما؛ فإن ضرَّني أحدهما، نفعنى الآخر"، وكان الحجاج ظَنَّ أنه أراد: "أفتخر بنفسى لفضلي، وبآبائى لشرفهم"، فقال الحجاج عند ذلك: "المقادير تُصَيِّرُ العَيَّ خطبًيا"، فذهبت مثلًا] اهـ. من "مجمع الأمثال" للميداني (٣/ ٣٦٩ - ٣٧٠).

<<  <   >  >>