للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالكذب ولم يكن بالصدق، فالكذب فيه مباح إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحاً، وواجب إن كان المقصود واجباً.

فإذا اختفى مسلم من ظالم وسأل عنه وجب الكذبُ بإخفائه، وكذا لو كان عنده أو عند غيره وديعة، وسأل عنها ظالم يريد أخذها وجب عليه الكذب بإخفائها ... ولو استحلفه عليه لزمه أن يحلف ويورّي في يمينه ... وهذا إن لم يحصل الغرض إلا بالكذب، والاحتياط في هذا كله أن يورّي [في يمينه]، ومعنى التورية أن يقصد بعبارته مقصوداً صحيحاً ليس هو كاذباً بالنسبة إليه، وإن كان كاذباً في ظاهر اللفظ، ولو لم يقصد هذا بل أطلق عبارة الكذب فليس بحرام في هذا الموضع ... وكذا كلما ارتبط به غرض مقصود صحيح له أو لغيره، فالذي له مثل: أن يأخذه ظالم ويسأله عن ماله ليأخذه فله أن ينكره، أو يسأله السلطان عن فاحشة بينه وبين الله تعالى فله أن ينكرها ... وأما غرض غيره فمثل أن يُسأل عن سر أخيه فينكره ونحو ذلك ... وينبغي أن يقابل بين مفسدة الكذب والمفسدة المترتبة على الصدق، فإن كانت المفسدة في الصدق أشد ضرراً فله الكذب وإن كان عكسه، أو شكّ، حرم عليه الكذب ... )) (١).

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى: بعض ما رُويَ عن السلف من المعاريض التي تخلصوا بها من الكذب، ومن هذه المعاريض ما يأتي:

١ - رُويَ عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: ((إن في معاريض الكلام ما


(١) الأذكار للنووي، ٣٢٦.

<<  <   >  >>