للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: الفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق]

إذا ظهرت آثار الخشوع على الجوارح، ولم يكن في القلب شيء منه، فهذا خشوع النفاق؛ ولهذا قال حذيفة - رضي الله عنه -: ((إياكم وخشوع النفاق، فقيل له: وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعاً، والقلب ليس بخاشع)) (١).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((وقال بعض العارفين: حسن أدب الظاهر عنوان أدب الباطن، ورأى بعضهم رجلاً خاشع المنكبين والبدن، فقال: يا فلان، الخشوع ها هنا - وأشار إلى صدره- لا ها هنا- وأشار إلى منكبيه-، ... )) (٢)، ورأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - رجلاً طأطأ رقبته في الصلاة فقال: ((يا صاحب الرقبة، ارفع رقبتك، ليس الخشوع في الرقاب، إنما الخشوع في القلوب)) (٣).

ورأت عائشة رضي الله عنها شباباً يمشون ويتماوتون في مشيتهم، فقالت لأصحابها: من هؤلاء؟ قالوا نُسَّاك (أي عُبَّاد)، فقالت: ((كان عمر بن الخطاب إذا مشى أسرع، وإذا قال أسمع، وإذا ضرب أوجع، وإذا أطعم أشبع، وكان هو الناسك حقّاً)) (٤).


(١) ذكره ابن القيم في مدارج السالكين، ١/ ٥٢١، وابن رجب في كتاب الخشوع في الصلاة، ص ١٣، وأخرجه الديلمي، في مسند الفردوس، ٢/ ٢٠٤، برقم ٣٠٠٧، وابن عدي، في الكامل في الضعفاء، ٣/ ٤٥٥، ترجمة رقم٨٧١.
(٢) ذكره ابن القيم في: مدارج السالكين، ١/ ٥٢١، والأثر في حلية الأولياء، ١٠/ ٢٣٠، واعتبره صاحب كتاب تكميل النفع، ص ١٢٣غير صحيح نسبته لعمر - رضي الله عنه -.
(٣) مدارج السالكين، ١/ ٥٢١، وأورده صاحب إحياء علوم الدين، ٥/ ٤١.
(٤) مدارج السالكين، ١/ ٥٢١، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح السماوي بتخريج أحاديث القاضي البيضاوي، ٢/ ٩١٦: ((وَكَأَنَّهُ أَخذه من الْفَائِق))، وقال العجلوني في كشف الخفاء، ١/ ٤٥٢: ((وهو في النهاية والفائق وغيرهما)).

<<  <   >  >>