للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشيطان، والهوى، والطباع، فهذا القلب للشيطان فيه مطمع، وله منه منازلات ووقائع، ويعطي الله النصر من يشاء {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (١)، وهذا لا يتمكن الشيطان منه إلا بما عنده من سلاحه، فيدخل إليه الشيطان، فيجد سلاحه عنده فيأخذه ويقاتله به؛ فإنَّ أسلحته هي: الشهوات، والشبهات، والخيالات، والأماني الكاذبة، وهي في القلب، فإن كان عند العبد عدة عتيدة فيأخذها ويصول بها على القلب، فإن كان عند العبد عدة عتيدة من الإيمان تقاوم تلك العدة وتزيد عليها، انتصف من الشيطان، وإلا فالدولة لعدوِّه عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإذا أَذِنَ العبدُ لعدوِّه وفتح له باب بيته، وأدخله عليه، ومكنَّه من السلاح يقاتله به، فهو الملوم.

فنفسك لم ولا تلم المطايا ... ومت كمداً فليس لك اعتذار (٢)

وَعِلاَجُ الْقَلْبِ مِنْ جَمِيعِ أَمْرَاضِهِ قَدْ تَضَمَّنَهُ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ.

قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (٣)، وقال الله - عز وجل -: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً} (٤).

وَأَمْرَاضُ الْقُلُوبِ نَوْعَانِ:

نَوْعٌ لاَ يَتَأَلَّمُ بِهِ صَاحِبُهُ فِي الْحَالِ، وَهُوَ مَرَضُ الْجَهْلِ، وَالشُّبُهَاتِ وَالشُّكُوكِ، وَهَذَا هُوَ أَعْظَمُ النَّوْعَيْنِ أَلَمَاً، وَلَكِنْ لِفَسَادِ الْقَلْبِ لاَ يُحِسُّ بَهَ.


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٢٦.
(٢) الوابل الصيب لابن القيم، ص٤٣ - ٤٥ بتصرف يسير.
(٣) سورة يونس، الآية: ٥٧.
(٤) سورة الإسراء، الآية: ٨٢.

<<  <   >  >>