للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الحادي عشر: الصلاة بخشوع: قرّةٌ للعين وراحةٌ للقلب

لا شك أن الصلاة قرة لعين النبي - صلى الله عليه وسلم -، وراحة لقلبه وروحه؛ لحلاوة مناجاته لربِّه؛ ولخشوعه، وحضور قلبه بين يدي الله تعالى، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((حُبِّبَ إلَيَّ: النِّسَاءُ، وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ)) (١).

وقوله ((حبب إلي النساء .. )) قيل: إنما حُبِّبَ إليه النساء لينقلن عنه من أمور الشريعة ما لا يطّلع عليه الرجال، ومن أحواله ويُستَحْيَا من ذكره، وقد جعل الله له نسوة ينقلن: أحكام الحيض، والنفاس، والغسل، والعدة، وينقلن من الشرع ما يشاهدنه من أفعاله - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: حبب إليه زيادة في الابتلاء والاختبار، والتكليف، فيكون ذلك أكثر


(١) النسائي بلفظه، كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، برقم ٣٩٤٠، وأحمد، برقم ١٢٢٩٣، ١٣٠٥٧، وفي لفظ للنسائي، برقم ٣٩٣٩، وأحمد، برقم ١٢٢٩٤، ١٤٠٣٧: ((حُبِّبَ إليَّ من الدنيا: النساء، والطيب، وجُعِلَ قُرَّةُ عيني في الصلاة))، والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي، ٣/ ٨٢٧، وسمعت شيخنا ابن باز أثناء تقريره على سنن النسائي، ٧/ ٦١: يقول: ((لا بأس بإسناده، أما من قال: حبب إلي من دنياكم ثلاث، فهذا لا يصح؛ لأن الصلاة ليست من الدنيا، أما قوله: ((حُبِّبَ إليَّ من الدنيا: النساء، والطيب، وجُعلت قرّة عيني في الصلاة)) فلا إشكال فيه)).
وقوله: ((حُبّب إليَّ من الدنيا .. )) قال المناوي في ((فيض القدير)) ٣/ ٣٧٠: ((زاد الزمخشري، والقاضي لفظ: ((ثلاث)) [أي حُبِّبَ إليّ من الدنيا ثلاث]، وهو وهم، قال الحافظ العراقي في ((أماليه)): لفظ (ثلاث) ليست في شيء من كتب الحديث، وهي تفسد المعنى، وقال الزركشي: لم يرد فيه لفظ ((ثلاثة))، وزيادتها مُخِلَّة للمعنى؛ فإن الصلاة ليست من الدنيا، وقال ابن حجر في تخريج ((الكشاف)): لم يقع في شيء من طرقه [انظر: حاشية محققي مسند الإمام أحمد، ١٩/ ٣٠٧].

<<  <   >  >>