للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} (١)، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ بِي تُفْتنُونَ، وَعَنِّي تُسْأَلُونَ)) (٢)،

يعني المسألة في القبر، فمن انتهت إليه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتركها لقول أحد من الناس، فسيرد يوم القيامة ويعلم.

المشهد الرابع: مشهد الإحسان: وهو مشهد المراقبة، وهو أن يعبد الله كأنه يراه، وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الإيمان بالله، وأسمائه، وصفاته، حتى كأنه يرى الله سبحانه فوق سمواته، مستوياً على عرشه، يتكلم بأمره ونهيه، ويُدبِّر أمر الخليقة، فينزل الأمر من عنده، ويصعد إليه، وتُعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة عليه، فيشهد ذلك كُلَّه بقلبه، ويشهد أسماءه وصفاته، ويشهد قيُّوماً، حيّاً، سميعاً، بصيراً، عزيزاً، حكيماً، آمراً، ناهياً، يحب ويبغض، ويرضى ويغضب، ويفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وهو فوق عرشه، لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد، ولا أقوالهم ولا بواطنهم؛ بل يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور.

ومشهد الإحسان أصل أعمال القلوب كُلِّها؛ فإنه يوجب: الحياء، والإجلال، والتعظيم، والخشية، والمحبة، والإنابة، والتوكل، والخضوع لله سبحانه، والذُّلّ له، ويقطع الوسواس وحديث ... النفس، ويجمع القلب والهمّ على الله، فحظّ العبد من القرب من


(١) سورة الأعراف، الآية: ٦.
(٢) رواه أحمد، ٢٤/ ١٢، برقم ٢٥٠٨٩، والبيهقي في إثبات عذاب القبر، برقم ١٩، وصحح محققو المسند إسناده على شرط الشيخين، وقال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ٣/ ٥١٨: ((رواه أحمد بإسناد صحيح)) ..

<<  <   >  >>