للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني والعشرون: الرحمة]

وسأقتصر في هذا المبحث على رحمة النبي؛ لأنها جامعة مانعة:

أولاً: عموم رحمته - صلى الله عليه وسلم - للإنس والجن، والمؤمنين والكافرين والحيوان:

قال اللَّه تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (١)، فالمؤمنون به - صلى الله عليه وسلم - قبلوا هذه الرحمة، وشكروها، وغيرهم كفرها، وبدَّلوا نعمة اللَّه كفراً، وأبوا رحمة اللَّه ونعمته (٢). قال ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: ((من آمن باللَّه واليوم الآخر كتب له الرحمة في الدنيا والآخرة، ومن لم يؤمن باللَّه ورسوله عوفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف)) (٣).

قال الإمام الطبري رحمه اللَّه: ((أولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي رُوي عن ابن عباس: وهو أن اللَّه أرسل نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - رحمة لجميع العالم: مؤمنهم وكافرهم، فأما مؤمنهم فإن اللَّه هداه به وأدخله بالإيمان به وبالعمل بما جاء به من عند اللَّه الجنة، وأما كافرهم فإنه دفع به عنه عاجل البلاء الذي كان ينزل بالأمم المكذبة رسلها من قبله)) (٤).

ومما يدل على أن رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - عامة للعالم؛ حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قيل: يا رسول اللَّه! ادعُ على المشركين، قال: «إني لم أُبعث


(١) سورة الأنبياء، الآية: ١٠٧.
(٢) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان، للسعدي، ص٥٣٢.
(٣) أخرجه الطبري في تفسيره جامع البيان، ١٨/ ٥٥٢.
(٤) جامع البيان للطبري، ١٨/ ٥٥٢.

<<  <   >  >>