للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال له: «أسلم» فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال: له أطع أبا القاسم، فأسلم، [وفي رواية النسائي فقال: أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رسول اللَّه]، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: «الحمد للَّه الذي أنقذه من النار» [وفي رواية أبي داود: أنقذه بي من النار] (١). وغير ذلك كثير.

[النوع الثاني: رحمته - صلى الله عليه وسلم - للمؤمنين:]

قال اللَّه تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (٢)، فقد بعث اللَّه تعالى النبي - صلى الله عليه وسلم - للناس كافة، وهو من أنفس المؤمنين خاصة، يعرفون حاله، ويتمكنون من الأخذ عنه، وهو في غاية النصح لهم، والسعي في مصالحهم، ويشق عليه الأمر الذي يشق عليهم، ويحب لهم الخير، ويسعى جاهداً في إيصاله إليهم، ويحرص على هدايتهم إلى الإيمان، ويكره لهم الشر، وهو شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم؛ ولهذا كان حقُّهُ مُقدّماً على سائر حقوق الخلق، وواجب على الأمة الإيمان به، وتعظيمه، وتعزيره وتوقيره (٣).

وقال اللَّه - عز وجل -: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (٤)، أقرب ما للإنسان نفسه، فالرسول أولى به من نفسه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - بذل لهم النصح والشفقة والرأفة؛ فلذلك وجب على العبد إذا


(١) البخاري، كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ برقم ١٣٥٦، وكتاب المرضى، باب عيادة المشرك، برقم ٥٦٥٧، وانظر: فتح الباري، ٣/ ٢١٩.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١٢٨.
(٣) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص٣٥٧.
(٤) سورة الأحزاب، الآية: ٦.

<<  <   >  >>