للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ} (١).

والمعنى أن مأواهم ومصيرهم لفي سجِّين، فعيل من السجن، وهو الضيق، كما يُقال: فتِّيق، وشرِّيب، وخمّير، وسكِّير، ونحو ذلك؛ ولهذا عظم أمره فقال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ} أي هو أمرٌ عظيم، وسجن مقيم، وعذاب أليم (٢)، وقد ذكر الإمام البغوي، والإمام ابن كثير، والإمام ابن رجب الحنبلي رحمهم الله آثاراً، تُبيِّن وتذكر أن سجِّين تحت الأرض السابعة: أي تحت سبع أرضين، كما أن الجنة فوق السماء السابعة (٣).

وقال ابن كثير: والصحيح أن سجِّيناً مأخوذ من السجن، وهو الضيق؛ فإن المخلوقات كل ما تسافل منها ضاق، وكل ما تعالى منها اتَّسع؛ فإن الأفلاك السَّبعة كُلُّ واحدٍ منها أوسع، وأعلى من الذي دونه، وكذلك الأرضون كل واحدة أوسع من التي دونها، حتى ينتهي السفول المطلق، والمحل الأضيق إلى المركز في وسط الأرض السابعة (٤).

ثم ذكر رحمه الله تعالى: ((أن مصير الفجار إلى جهنم، وهي أسفل سافلين كما قال تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} (٥). وقال هَهنا: {كَلا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ}، وهو يجمع الضيق والسفول، كما قال


(١) سورة المطففين، الآيات: ٧ - ٩.
(٢) تفسير ابن كثير، ٤/ ٤٨٥، وتفسير البغوي، ٤/ ٤٥٨.
(٣) انظر: تفسير البغوي، ٤/ ٤٥٨ - ٤٥٩، وتفسير ابن كثير، ٤/ ٤٨٥ - ٤٨٦، والتخويف من النار لابن رجب، ص٦٢ - ٦٣.
(٤) تفسير ابن كثير، ٤/ ٤٤٦.
(٥) سورة التين، الآيتان: ٥ - ٦.

<<  <   >  >>