للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسك، ولا تحمّلني من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك.

فثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - على دعوته إلى الله، ولم تأخذه في الله لومة لائم؛ لأنه على الحق، ويعلم بأن الله سينصر دينه ويعلي كلمته، وعندما رأى أبو طالب هذا الثبات ويئس من موافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقريش على ترك دعوته إلى التوحيد قال:

والله لن يصلوا إليك بجمعهم ... حتى أُوسَّد في التراب دفينا

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة ... وأبشر وقرّ بذاك منك عيونا (١)

[الصورة الثالثة: مع عتبة:]

بعد أن أسلم حمزة بن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب أخذت السحائب تنقشع، وأقلق هذا الموقف الجديد مضاجع المشركين، وأفزعهم وزادهم هولاً وفزعاً تزايد عدد المسلمين، وإعلانهم إسلامهم، وعدم مبالاتهم بعداء المشركين لهم، الأمر الذي جعل رجال قريش يساومون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعث المشركون عتبة بن ربيعة ليعرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أموراً لعله يقبل بعضها فيُعطَى من أمور الدنيا ما يريد.

فجاء عتبة حتى جلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا ابن أخي إنك منَّا حيث قد علمت من السطة (٢) في العشيرة، والمكان في النسب، وإنك قد


(١) انظر: سيرة ابن هشام، ١/ ٢٧٨، وانظر: البداية والنهاية، ٣/ ٤٢، وفقه السيرة للغزالي، ص١١٤، والرحيق المختوم، ص٩٤.
(٢) يعني: المنزلة الرفيعة. انظر: المصباح المنير، مادة ((سطا))، ص٢٧٦، والقاموس المحيط، باب الواو، فصل السين، ص١٦٧٠.

<<  <   >  >>