للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنبي - صلى الله عليه وسلم - له خمسة أسماء ليس منها مُذَمَم (١).

جاءت أم جميل زوجة أبي لهب - حين سمعت ما أنزل الله فيها وفي زوجها من القرآن - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق، وفي يدها ملء الكف من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكر! أين صاحبك؟ قد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إني لشاعرة، ثم قالت:

مُذَمماً عصينا ... ... وأمره أبينا ... ... ... ودينه قلينا (٢)

استمر المشركون في إلحاق الأذى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبأصحابه الذين أسلموا وبعد أن زاد عدد المسلمين وكثر ازداد حنق المشركين على المسلمين، وبسطوا إليهم أيديهم وألسنتهم بالسوء، ولما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، ورأى أنه في حماية الله ثم عمه أبي طالب، وهو لا يستطيع أن يمنع المسلمين مما هم فيه من العذاب - فقد مات منهم من مات، وعُذّب من عُذّب حتى عمي وهو تحت العذاب - فأذن رسول الله لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، فكان أهل هذه الهجرة الأولى اثني عشر رجلاً، وأربع نسوة، ورئيسهم عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، ذهبوا فوفَّق الله لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين، فحملوهم فيها إلى أرض الحبشة، وكان ذلك في رجب، في السنة الخامسة من البعثة، وخرجت قريش في


(١) انظر: البخاري مع الفتح، كتاب المناقب، باب ما جاء في أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ٦/ ٥٥٤،برقم ٣٥٣٢.
(٢) انظر: سيرة ابن هشام،١/ ٣٧٨،ومعنى قولها: قلينا: أي أبغضنا. انظر: تفسير ابن كثير، ٤/ ٥٢٣.

<<  <   >  >>