للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: ((ولكن قل: قدر الله)) أي: هذا قَدَرُ الله، أو قَدَرُ الله هكذا.

قوله: ((ما شاء فعل)) أي: ما شاء الله أن يفعل فعل، فإن المشيئة له، والذي قدره كائن لا محالة، ولا ينفع قول العبد: لو كان كذا لكان كذا.

قوله: ((فإن لو)) تعليل لقوله: ((لا تقل لو) أي: التلفظ بكلمة ((لو)) ((تفتح عمل الشيطان)).

واعلم أن المراد بقوله: ((فإن لو تفتح عمل الشيطان))؛ الإتيان بها في صيغة تكون فيها منازعة القدر على ما فاته من أمور الدنيا، ولم يكن المراد به كراهة التلفظ بكلمة ((لو)) في جميع الأحوال، وسائر الصور، ويبين هذا المعنى قوله تعالى: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} (١)؛ فأتت الآية على قسمين: ما يحمد منه وما يذم؛ وقوله: ((ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت)) (٢). وما أشبهه من كلامه غير داخل في هذا الباب؛ لأنه لم يرد به المنازعة في القدر، وكلمة ((لو)) في قوله تعالى: {لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} من قبيل رد القدر، والمنازعة فيه، ولذلك ذمهم الله تعالى، وجعل ذلك حسرة في قلوبهم، فعرفنا أن التلفظ بكلمة ((لو)) إنما يكون مذموماً إذا كان مفضياً بالعبد إلى التكذيب بالقدر، وعدم الرضا بصنع الله تعالى.


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٥٤.
(٢) رواه البخاري برقم (٢٥٠٥)، ومسلم برقم (١٢١٨). (م).

<<  <   >  >>