للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جبلني عليهما؟ قال: ((بل اللَّه جبلك عليهما) قال: الحمد للَّه الذي جبلني على خلقين يحبهما اللَّه ورسوله (١).

وسبب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك للأشج ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلوا المدينة بادروا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأقام الأشج عند رحالهم، فجمعها، وعقل ناقته، ولبس أحسن ثيابه، ثم أقبل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقربه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأجلسه إلى جانبه، ثم قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((تبايعونِ على أنفسكم وقومكم؟)) فقال القوم: نعم، فقال الأشج: يا رسول اللَّه، إنك لم تزاول الرجل على شيء أشد عليه من دينه، نبايعك على أنفسنا، ونرسل من يدعوهم، فمن اتبعنا كان منا، ومن أبى قاتلناه، قال: ((صدقت، إن فيك خصلتين ... )) الحديث.

فالأناة: تربصه حتى نظر في مصالحه، ولم يعجل، والحلم: هذا القول الذي قاله، الدال على صحة عقله، وجودة نظره للعواقب ... (٢).

ومما يؤكد أن الحلم من أعظم أركان الحكمة ودعائمها العظام: أنه خلق عظيم من أخلاق النبوة والرسالة، فالأنبياء - عليهم الصلاة

والسلام - هم عظماء البشر، وقدوة أتباعهم من الدعاة إلى اللَّه والصالحين في الأخلاق المحمودة كافة.


(١) أبو داود، في الأدب، باب في قبلة الرِّجْل، ٤/ ٣٥٧، (رقم ٥٢٢٥)، وأحمد، ٤/ ٢٠٦، ٣/ ٢٣.
(٢) شرح النووي على مسلم، ١/ ١٨٩، وتحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، ٦/ ١٥٢.

<<  <   >  >>