مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

وتأتي الأناة بمعنى التبيّن والتثبُّت في الأمور، يقال: تَبيّنَ في الأمر والرأي: تثبت، وتأنى فيه ولم يعجل (١).

ويأتي التبيُّن بمعنى: التبصر: التعرف والتأمل، يقال: تبصر الشيء، وتأمل في رأيه: تبين ما يأتيه من خيرٍ أو شرٍ (٢).

وعلى ضوء ما تقدم تكون الأناة هي: التصرُّف الحكيم بين العجلة والتباطؤ (٣).

والأناة مظهر من مظاهر خُلق الصبر، وهي من صفات أصحاب العقل والرزانة، بخلاف العجلة فإنها من صفات أصحاب الرعونة

والطيش، وهي تدل على أن صاحبها لا يملك الإرادة القوية القادرة على ضبط نفسه تجاه انفعالاته العجولة، وبخلاف التباطؤ والتواني فهما من صفات أصحاب الكسل والتهاون بالأمور، ويدلان على أن صاحبهما لا يملك القدرة على دفع همته للقيام بالأعمال التي تحقق له ما يرجوه، أو ليس لديه همة عالية تنشد الكمال، فهو يرضى بالدنيات، إيثاراً للراحة، وكسلاً عن القيام بالواجب.

والأناة عند الداعية إلى اللَّه - تعالى - تسمح له بأن يُحكم أموره، ويضع الأشياء في مواضعها، فهي ركن من أركان الحكمة،

(١) انظر: المعجم الوسيط، مادة: أبان ١/ ٨٠، ومادة: ثبت ١/ ٩٣.
(٢) انظر: القاموس المحيط، باب الراء، فصل الباء ص٤٤٨، ومختار الصحاح، مادة: (بصر)
ص٢٢، والمعجم الوسيط، ١/ ٥٩.
(٣) انظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها لعبد الرحمن الميداني، ٢/ ٣٥٢.