للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} (١).

ومع ذلك كله من الأمر بجميع الحكم السابقة لم يغفل هذا الحكيم عن وصية ابنه بالآداب السامية، فنهاه عن التكبر، وأمره بالتواضع، ونهاه عن البطر والأشر والمرح، وأمره بالسكون في الحركات والأصوات، ونهاه عن ضد ذلك حتى لا يتطاول على الناس فيفسد بالقدوة ما يصلح الكلام.

فحقيق بمن أوصى بهذه الوصايا، وهذا السلوك الحكيم أن يكون مخصوصاً بالحكمة، مشهوراً بها، وحقيق بمن التزم هذه الوصايا - بصدق وإخلاص ورغبة فيما عند اللَّه - أن يؤتيه اللَّه الحكمة، ويوفقه للصواب في القول والعمل (٢).

ومما يبين أن الإنسان يكتسب الحكمة بتوفيق اللَّه ثم بالتزامه للسلوك الحكيم - رغبة فيما عند اللَّه وطلباً لرضاه - ما ذُكِرَ من الأسباب التي اكتسب بها لقمان الحكمة بعد توفيق اللَّه له وتسديده، ومن ذلك: أنه وقف رجل على لقمان، فقال له: أنت لقمان، أنت عبد بني النحاس؟ قال: نعم، قال: فأنت راعي الغنم الأسود؟ قال: أما سوادي فظاهر، فما الذي يعجبك من أمري؟ قال: وطء الناس بساطك، وغشيهم بابك، ورضاهم بقولك. قال: يا ابن أخي إن أنت


(١) سورة البقرة، الآية: ٤٥، وانظر أيضاً: سورة البقرة، الآية: ١٥٣.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير، ٣/ ٤٤٤، وفي ظلال القرآن، ٥/ ٢٧٨١، ٢٧٩٠، ٢٧٨٢، وتفسير السعدي، ٦/ ١٥٩، ١٦١.

<<  <   >  >>