للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالهداية، فاستجاب الله دعاءه، وحصل على ثمرة الصبر والتأني وعدم العجلة، فقد رجع الطفيل إلى قومه، ورفق بهم، فأسلم على يديه خلق كثير، ثم قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر، فدخل المدينة بثمانين أو تسعين بيتاً من دوس، ثم لحقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، فأسهم لهم مع المسلمين (١).

الله أكبر! ما أعظمها من حكمة أسلم بسببها ثمانون أو تسعون أسرة.

وهذا مما يوجب على الدعاة إلى الله - عز وجل - العناية بالحلم في دعوتهم، ولا يحصل لهم ذلك إلا بفضل الله ثم معرفة هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوته.

[الصورة الرابعة: مع من أراد قتل النبي - صلى الله عليه وسلم -]

روى البخاري ومسلم، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نجد (٢)، فأدركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وادٍ كثير العضاه، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة، فعلّق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرق الناس في الوادي يستظلّون بالشجر، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن رجلاً أتاني وأنا نائم، فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صلتاً (٣) في يده، فقال لي: من يمنعنك مني؟ قال: قلت: الله، ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله، قال: فشام (٤) السيف، فها هو ذا جالس))، ثم لم يعرض له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥).


(١) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، ١/ ٣٤٦،وزاد المعاد، ٣/ ٦٢٦،والإصابة في تمييز الصحابة، ٢/ ٢٢٥.
(٢) وقع في رواية البخاري التصريح باسمها ((ذات الرقاع))، انظر: البخاري مع الفتح، ٧/ ٤٢٦.
(٣) والسيف صلتاً: أي مسلولاً. انظر: شرح النووي، ١٥/ ٤٥.
(٤) شام السيف: أي رده في غمده. انظر: المرجع السابق، ١٥/ ٤٥.
(٥) البخاري، كتاب الجهاد، باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة، برقم ٢٩١٠، وكتاب المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع، برقم ٤١٣٦، ومسلم، واللفظ له، كتاب الفضائل، باب: توكله على الله - تعالى -، وعصمة الله - تعالى - له من الناس، برقم ٨٤٣، وأحمد،
٣/ ٣١١، ٣٦٤.
وانظر: الأخلاق الإسلامية وأسسها للميداني، فقد ذكر رواية مطولة عزاها لأبي بكر الإسماعيلي في صحيحه، ٢/ ٣٣٥.

<<  <   >  >>