للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرض وجه أبغضَ إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبَّ الوجوه كلها إليَّ، والله ما كان من دين أبغضَ إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحبَّ الدين كله إليَّ، والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحبَّ البلاد كلها إليَّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: أصبوت؟ فقال: [لا والله]، ولكني أسلمت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبّة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) (١).

((ثم خرج - رضي الله عنه - إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئاً، فكتبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنك تأمر بصلة الرحم، وإنك قد قطعت أرحامنا، وقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، فكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ثمامة أن يخلي بينهم وبين الحمل)) (٢).

وذكر ابن حجر أن ابن منده روى بإسناده عن ابن عباس قصة إسلام ثمامة ورجوعه إلى اليمامة، ومنعه قريش عن الميرة، ونزول قوله تعالى:

{وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ} (٣).

وقد ثبت ثمامة على إسلامه لما ارتدّ أهل اليمامة، وارتحل هو ومن أطاعه من


(١) البخاري، كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال، برقم ٤٣٧٢، ومسلم - واللفظ له إلا ما بين المعقوفين فمن البخاري - في كتاب الجهاد والسير، باب ربط الأسير وحبسه وجواز المنّ عليه، برقم ١٧٦٤.
(٢) سيرة ابن هشام، ٤/ ٣١٧ بتصرف يسير، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٨/ ٨٨.
(٣) سورة المؤمنون، الآية: ٧٦.
وقال ابن حجر عن هذا الأثر: ((إسناده حسن)). انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ١/ ٢٠٣.

<<  <   >  >>